[اجتناب طريق الشيطان]
الحمد لله رب العالمين، خلق فسوى، وقدر فهدى، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو اللطيف الخبير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير، المبعوث بتأسيس الحق وأصول الإيمان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله عز وجل، قوموا بحق الله خير قيام، تالله لقد غرت الأماني أكثر خلق الله، فتركوا سبيل الهدى، وأعطوا نفوسهم هواها، وأعرضوا عما يقربهم إلى دار النعيم، إلى دار القرار في جوار رب العالمين، لما أعرضوا عن ذلك وقعوا في شرك الردى، وتنادوا على التواني، وظنوا أن يتركوا سُدَىً، ونسوا قول الله جلَّ وعلا: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف:١٨٣] نسوا قول الله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمْ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر:٣] نسوا قول الحق تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون:٥٥ - ٥٦].
عباد الله! مثلوا أحوالكم إذا قمتم من القبور حيارى، حفاة عراة غرلاً، وقد عظمت الأهوال، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، لقد لزمت الصحف الأعناق {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء:١٣] وقال تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمْ الْحَقِّ} [الأنعام:٦٢].
عباد الله! كيف أنتم في ذلك الموقف الرهيب إذا سمعتم الجبار يقول: {لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} [ق:٢٨] كيف لكن بالجبار إذا قال: {لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ} [ق:٢٨ - ٢٩].
قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يس:٦٠] تحذير من الله، لكن أين القلوب يا أمة الإسلام؟ {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ} [يس:٦٠] هذا تحذير من الله، وتوبيخ لمن أطاع الشيطان، فيقول له يوم القيامة: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يس:٦٠] فعند ذلك يؤخذ المجرمون بالنواصي والأقدام، ويطرحون في الجحيم، ويمرح بالنعيم من قدم الخيرات لدار السلام، وعمل بالباقيات الصالحات، ويخص بجنة عرضها كعرض السماوات والأرض، فاتقوا الله عباد الله واسلكوا طريق الشرع القويم، الذي لا اعوجاج فيه، وقوموا بأوامر الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان، اتخذوه عدواً كما أخبركم الله أنه لكم عدواً، واحذروا أن تكونوا ممن غرتهم الحياة الدنيا بزخارفها الزائلة، وأولئك هم الذين تنقص الأيام والليالي آجالهم وهم لاهون غافلون، لا يتعظون ولا يعتبرون بما وقع بمن قبلهم.
فاتقوا الله عباد الله وصلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {مَن صلىَّ علي صلاة صلىَّ الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أغثنا جميعاً بالإيمان، اللهم اشفِ مرض قلوبنا، اللهم اشفِ مرض قلوبنا، اللهم اشفِ مرض قلوبنا يا رب العالمين، اللهم أذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين.
اللهم دمر اليهود والمبشرين والشيوعيين وأعوانهم يا رب العالمين، اللهم أدر عليهم دائرة السوء، واقطع دابرهم، ومزقهم كل ممزق، واجعلهم غنيمة للمسلمين.
اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين، وألف بين قلوبهم واجعلهم هداة مهتدين، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، واجعلهم هداة مهتدين، اللهم أصلح أولادنا ونساءنا.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن، وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن عنا وعن جميع المسلمين أجمعين يا رب العالمين.
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١] {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:٢٣].
عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} [النحل:٩٠ - ٩١] واذكروا الله العظيم الجميل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.