للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رسالة المسجد وعظمها]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل: {من بنى لله مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة}.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله عزَّ وجلَّ وأطيعوه.

عباد الله: يقول الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التوبة:١٨] نعم يا عباد الله! إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر، وهم رجال مدحهم الله جل وعلا، رجال لا تشغلهم عن طاعة الله الشواغل، رجال {لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:٣٧] وما أدراكم ما ذلك اليوم يا عباد الله! هو يوم القيامة، يوم الحشر والنشور.

وإن أمام الناس حشرٌ وموقفٌ ويومٌ طويلٌ ألفُ عامٍ وأطولُ

فيا لك من يوم على كل مبطلٍ فظيع وأهوال القيامة تعضلُ

تكون به الأطواد كالعهن أو تكن كثيباً مهيلاً أهيلاً يتهلهلُ

يوم القيامة يومٌ {تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:٣٧] فما ظنكم عباد الله بذلك اليوم؟!

عباد الله: ذلك اليوم بضائعه الأعمال، وشهوده الجلود والألسنة والأوصال، وسجنه النار، وحاكمه الجبار.

إن ذلك اليوم يوم عظيم، لقد خافه أولئك الذين مدحهم الله بقوله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:٣٦ - ٣٧].