اعلموا -يا عباد الله- أنه يجب صيام شهر رمضان بأحد أمرين: إما برؤية هلاله، أو إكمال عدة شعبان ثلاثين لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غبي عليكم، فأكملوا عدة شعبان ثلاثين} متفق عليه، وهذا لفظ البخاري، وفي رواية لـ مسلم:{فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجلٌ كان يصوم صوماً فليصم ذلك اليوم} متفق عليه، أي: إلا إذا كان وافق عادة له بأن كان عادته صوم الإثنين والخميس فوافق ذلك اليوم، أو عليه قضاء فقضاه في ذلك اليوم فلا بأس.
ولقد سمعنا من بعض الناس الذين يفتون بغير علم أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين، وأن يوفق كثيراً من طلبة العلم أن يتوقفوا عن الفتوى بغير علم فإنها والله مسئولية عظيمة أمام الله عز وجل.
فالبعض من الناس يغتر إذا رأى إنسان إما كث اللحية، أو عليه سيماء الخير، فإنه يبادر إليه ويستفتيه، فقد تقدم بعض الناس يستفتون بعض الناس، فقالوا: لا يجوز القضاء في شعبان، الله المستعان، فلا أدري من أين لهم هذه الفتوى، وعائشة رضي الله عنها أمة المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تقول:{كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان} رواه البخاري، ولو كان لا يجوز يا معشر المفتين بغير علم، لو كان لا يجوز ذلك لنهاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
ولكن هذا من تمام اليسر، جاز تأخير القضاء، ولا يجوز تأخير القضاء إلى رمضان الثاني بدون عذر؛ لأن تأخيره إلى رمضان الثاني يوجب أن يتراكم عليه الصوم وربما يعجز عنه، أو يموت وهو في ذمته، ولكن لأن الصوم عبادة متكررة فلم يجز تأخير الأولى إلى وقت الثانية كالصلاة فإن استمر به العذر، أي: إذا كان مريضاً ودخل عليه رمضان واستمر به المرض ولو مدة طويلة، ومات في مرضه فلا شيء عليه؛ لأن الله سبحانه أوجب عليه عدة من أيام أخر، ولم يتمكن منها فسقطت عنه.
أما من مرض في رمضان ثم شفاه الله من مرضه، وفرط ولم يصم ما عليه من الأيام التي تركها في رمضان وأفطرها، ثم مات بعد هذا التفريط، فإن أولياء أمره يقضون عنه الصيام كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، في قوله:{من مات وعليه صوم صام عنه وليه} متفق عليه.
اللهم ارزقنا التفقه في الدين، واجعلنا هداة مهتدين، اللهم يا واحدٌ يا أحد! يا حي يا قيوم! يا ذا الجلال والإكرام! يا علي يا عظيم! يا حليم يا عليم! أهلَّ علينا شهر رمضان بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، واجعلنا ممن يصومه ويقومه على أحسن حال يا رب العالمين، اللهم تقبل منا الصيام والقيام، اللهم تقبل منا الصيام والقيام، وارزقنا القبول والإخلاص يا رب العالمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.