للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سلمان الفارسي حال الاحتضار]

اسمعوا إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه لما حضرته الوفاة بكى, فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: فوالله ما أبكي جزعاً من الموت ولا حرصاً على الدنيا، ولكن عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ليكن بلاغ أحدكم كزاد الراكب} انظروا لما مات رحمه الله ورضي الله عنه وأرضاه ما الذي وجدوا عنده وهو يبكي؟ في جميع ما ترك فإذا هو ثلاثون درهماً، وكان أميراً على المدائن , وبعض الناس الآن عنده ملايين، وعنده عمال يموتون جوعاً, يظلون ستة أشهر أو أربعة أشهر لم يعطيهم الراتب, وإذا قيل له: يا فلان اتق الله! قال: لا.

يهتز الرصيد {كفى بالمرء إثماً أن يمنع قوت من يعول} والله وجد هذا -يا إخواني- مسلم سقط مغمياً عليه من الجوع قيل له: كم لك؟ قال: لي ثلاثة أيام ما ذقت الطعام, قيل لكفيله: لماذا؟ قال: أنا ما أصرف له حتى تصرف لي الوزارة التي تعطيني الراتب, يا أخي اتق الله أما عندك شيء؟ قال: عندي إلا أنني لا أريد أن يهتز الرصيد, ويذهب ويتركه, كيف لو مات هذا العامل جوعاً؟! إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فهذا سلمان الفارسي يحمل هماً لأنهم وجدوا عنده ثلاثون درهماً, فكيف الآن بأهل الأموال الطائلة الذين لا يعرفون ولا يزكون نسأل الله العافية, كيف بهم لو كويت بها جباههم وجنوبهم وظهورهم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

فأكرر قصة سلمان الفارسي: أُُحتضر سلمان الفارسي رضي الله عنه فبكى, فقيل له: ما يبكيك؟ فقال والله ما أبكي جزعاً من الموت ولا حرصاً على الدنيا ولكن عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ليكن بلاغ أحدكم كزاد الراكب} فلما مات نظروا في جميع ما ترك فإذا هو ثلاثون درهماً, وكان أميراً على المدائن.