[الحث على صلاة الجماعة]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك الناصح الأمين, وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل، واحرصوا على أداء الصلوات المكتوبة في جماعة, وفي أول أوقاتها, ولا تتخلفوا عن الجماعة، فإن في تخلفكم عن الجماعة إضاعة لأمر الله عز وجلَّ, ولأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام:٧٢] وقوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة:٤٣] وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم} متفق عليه.
والمتخلف عن الجماعة فوت على نفسه خيراً كثيراً، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة} متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم: {إذا توضأ العبد فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة, وحطت عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلات ما انتظر الصلاة}.
متفق عليه.
ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: {جاء رجل أعمى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجد، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يرخص له أن يصلي في بيته، فرخص له، فلما ولّى دعاه, فقال: هل تسمع النداء؟ قال: نعم.
قال: فأجب} رواه مسلم.
فكيف بمن يسمع النداء فوق رأسه ومن الإذاعة والتلفاز، ثم لا يجيب منادي الله عز وجلَّ؟! إنها مصيبة عظمى أصيب بها أكثر الناس، وهي بعدهم عن الله وعن الصلاة وأدائها فمن ترك الصلاة متعمداً فهو كافر، وسوف يكون في سقر، وسقر: اسم من أسماء جهنم, وأما المتهاون بها فسوف يلقى غياً أو غيلاً، وكلاهما واديان في جهنم لمن اتبعوا الشهوات وأضاعوا الصلاة.
اللهم نجنا من النار, ووفقنا للقيام بطاعتك يا كريم، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
عباد الله: إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
عباد الله: صلوا على خير خلق الله محمد بن عبد الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى علي صلاة صلى الله عليها بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد الناصح الأمين، الذي دل الأمة على كل خير وحذرها عن كل شر، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي , وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين, وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمّر أعداء الدين، اللهم انصر من نصر الإسلام وأهله، واخذل من خذل الإسلام وأهله، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه, واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً له يا سميع الدعاء، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأصلح أئمة وولاة أمور المسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها يا رب العالمين اللهم أصلح أولادنا ونساءنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين يا رب العالمين اللهم أصلح شباب الإسلام والمسلمين، واجعلهم قرة أعين لوالديهم يا رب العالمين، اللهم انصر بهم دينك، اللهم أعلِ بهم كلمتك، اللهم اجعلهم سلماً لأوليائك حرباً لأعدائك، اللهم اشف ما ببعضهم من الأمراض الاجتماعية التي أدت إلى الهوس يا رب العالمين، اللهم أصلحنا جميعاً واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
اللهم وفقنا لامتثال أمرك وامتثال أمر رسولك صلى الله عليه وسلم، اللهم أصلح قلوبنا واشف مرضها، اللهم املأ قلوبنا من محبتك وخشيتك، ومن معرفتك ومن الأنس بقربك، واملأها حكمة وعلماً ومعرفة بك يا رب العالمين رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن ترفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عنا وعن جميع المسلمين عامة يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١].
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على وافر نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.