للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحب في الله سبب للمغفرة]

الحمد لله الذي منّ علينا بالإيمان والإسلام, وتفضل علينا ببيان الشرائع والأحكام, وأحلَّ الحلال وحرّم الحرام, ووعد من أطاعه بالثواب في دار السلام، وتوعد من عصاه بالعقاب في دار الهوان والانتقام, نحمده على ما أفضى علينا من الإنعام, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل وتمسكوا بأوثق العرى وهو الإسلام, وبشرائعه الحسان, وصفوا قلوبكم من الغش، والخداع والخيانة، والتباغض والتحاسد, واحرصوا على باب الإسلام, واحمدوا ربكم على نعمة الإسلام.

اسمعوا إلى الصحابي الجليل وهو يروي لكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً إذا سمعته القلوب اشتاقت إلى الحب في الله, عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن المسلم إذا لقي أخاه المسلم فأخذ بيده تحاتت عنهما ذنوبهما كما تتحات الورق من الشجرة اليابسة في يوم ريح عاصف, وإلا غفر لهما ذنوبهما ولو كانت مثل زبد البحر}.

وقال أبو عمرو الأوزاعي: حدثني عبدة بن أبي لبابة عن مجاهد قال: [[لقيته فأخذ بيدي فقال: إذا التقى المتحابان في الله فأخذ أحدهما بيد صاحبه وضحك إليه تحاتت خطاياهما كما تحات ورق الشجر, قال عبدة: فقلت له: هذا يسير, فقال: لا تقل ذلك فإن الله يقول:

{لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفال:٦٣]]].

عباد الله! اعلموا أن أحسن الحديث كلام الله, وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة, ومن شذَّ شذَّ في النار.

صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي , وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى الدين, وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أسألك بأنا نشهد أنك أنت الأحد الصمد, الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد: أن تعز الإسلام والمسلمين, اللهم أعز الإسلام والمسلمين, اللهم أعز الإسلام والمسلمين عاجلاً غير آجل, اللهم أذل الشرك والمشركين, اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين, اللهم اشدد وطأتك عليهم يا رب العالمين!

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا, وأئمة وولاة المسلمين أجمعين في مشارق الأرض ومغاربها يا رب العالمين.

اللهم أصلح أولادنا ونساءنا واجعلنا وإياهم هداة مهتدين يا رب العالمين, اللهم أقر أعيننا بصلاحهم يا رب العالمين.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار, اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن جميع بلدان المسلمين عامة يا رب العالمين!

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت, أنت الغني ونحن الفقراء, يا ربنا! يا الله! ارحم ضعفنا, وأسق بلدنا, وأحيي بلدنا الميت يا رب العالمين, وجميع بلدان المسلمين، اللهم أغثنا, اللهم اسقنا سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق إنك على كل شيء قدير، أنت أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين, وأجود الأجودين, فضائلك ملأى، ويداك مبسوطتان تنفق كيف تشاء لا إله إلا أنت سبحانك.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين, اللهم اسقنا, اللهم أحيي بلدك الميت، اللهم انشر رحمتك على العباد, يا من له الدنيا والآخرة, اللهم لك الحمد وإليك المشتكى, وأنت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان, ولا حول ولا قوة إلا بك، اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد.

عباد الله! إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها, واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.