القصة الرابعة: في رجل مر على قرية وهي خاوية على عروشها، وتهدم بناؤها، ويبست أشجارها، فاستبعد هذا الرجل أن تعود كما كانت عليه من العمران والسكان، فأراه الله تعالى آية في نفسه تدل على قدرة الله تعالى، فأماته الله مائة سنة، وكان معه حمار وطعام وشراب، فمات الحمار، وتمزقت أوصاله، ولاحت عظامه، وبقي الطعام والشراب لم يتغير واحد منهما بنقص ولا بتغير طعم ولا لون ولا رائحة، مكث مدة مائة سنة والشمس تصهره والرياح تتعاقب عليه، بعد هذه المدة مائة سنة بعث الله تعالى ذلك الرجل، وأراه طعامه وشرابه لم يتغير مع طول هذه المدة، وأراه الحمار، فنظر إلى عظامه المتفرقة في الأرض يركب بعضها بعضاً، كل عظم في محله ويكسوه الله تعالى لحماً، وفي هذا يقول الله تعالى:{أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[البقرة:٢٥٩].
تلك من أنباء الغيب، تلك من أنباء رب العالمين، قصها في هذا القرآن العظيم على سيد البشر محمد صلوات الله وسلامه عليه؛ لتزداد الأمة المحمدية إيماناً بالله العظيم، الذي له القدرة التامة على كل شيء.