{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:٢ - ٣] وعد الصالحين بجنته ومستقر رحمته، وتوعد العصاة بدار نقمته وزوال نعمته، وهي جهنم التي وقودها الناس والحجارة، رب العالمين، لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين، فهو إله الأولين والآخرين، أحمده سبحانه وأسأله أن ينظمنا في سلك عباده الصالحين، وأن يجعلنا من حزبه المفلحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أيها الناس! اتقوا الله عز وجل وتأسوا بسلفكم الصالح، فقد كان المسلمون إذا سمعوا الآيات القرآنية، أو الأحاديث النبوية استجابوا لداعي الله وأقلعوا عن الخطيئة، ولم يصروا على ما فعلوا من المخالفات الشرعية، أما نحن فكم نسمع من الآيات والأحاديث، ولكن ران على القلوب الران، واستحوذت على القلوب الغفلة، واستحسنت القلوب الفسوق والعصيان، فأقبلت على الفساد وأعرضت عن تعاليم الملك الديان إلا القليل.
أيها المسلمون! إذا نظرنا بدقة إلى ما نحن عليه الآن من فساد الأخلاق ومجاهرة الفساق بأوصاف النفاق، رأينا بوناً شاسعاً بين المسلمين وتعاليم الكتاب المبين، وبين سيرة خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم.
أجل يا عباد الله! لقد استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فزعاً محمراً وجهه يقول:{لا إله إلا الله لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح الليلة من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها قالت زينب بنت جحش رضي الله عنها: يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون، قال: نعم إذا كثر الخبث}.