[ورود حوض المصطفى صلى الله عليه وسلم]
ثم تذكروا -يا عباد الله- حوض نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً, ولكن هذا الحوض سوف يُرد عنه أناس؛ لأنهم نكصوا على أعقابهم وغيَّروا بعده صلى الله عليه وسلم, وما أكثرهم في كل زمان, فالله عز وجل يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ} [الحشر:٧] فلنتقِ الله يا عباد الله! وننتهي عن المناهي التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد نهانا عن حلق اللحية فقال صلى الله عليه وسلم: {أكرموا اللحى} {وفروا اللحى} {أرخوا اللحى، وخالفوا المجوس} ويقول أيضاً في حديث رواه الإمام أحمد: {ليس منا من لم يأخذ من شاربه} وقد وقع في هذا الأمر الكثير من الناس ونهانا صلى الله عليه وسلم عن الإسبال فهو حرام, وأخبرنا -وهو الصادق المصدوق- أن من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة, وأيضاً يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ما أسفل الكعبين ففي النار} والبعض من الناس يجر ثيابه وكأنه يقول: لا سمع ولا طاعة يا رسول الله!
ونهانا صلى الله عليه وسلم عن استماع الأغاني التي قال فيها: {ليكونن في آخر الزمان أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} والرسول صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم, فتدخل تحت هذه المعازف جميع آلات اللهو, وكأن لسان حال البعض من الناس يقول: لا سمع ولا طاعة يا رسول الله! زيادة على أن نعصيك يا رسول الله! نأتي بالأفلام الخليعة والتمثيليات الشنيعة, والأغاني الماجنة، ونضعها في بيوتنا ولا سمع ولا طاعة!
ونهانا صلى الله عليه وسلم عن المسكرات والمخدرات، وقد نهى الله عنها في كتابه العظيم, ولكن البعض من الناس يستعملها، وكأنها حلال، وصدق فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} فالبعض من الناس الآن باستعماله للمسكرات والمخدرات كأنه استحلها لكثرة استعمالها والعياذ بالله, فمن مات وهو يدمن على المسكرات والمخدرات؛ فإنه حق على الله أن يسقيه من طينة الخبال, وطينة الخبال عصارة أهل النار.
المخدرات التي قضت على المروءة وعلى الشرف، حتى إن البعض من السكارى يزني بأمه, ويزني بأخته وبعمته، وقد وُجد هذا كثيراً نسأل الله العفو والعافية, وهذا هو الذي يريده أعداء الإسلام والمسلمين, فإذا سكر المسلم أضاع الصلاة وترك الصيام، وفعل المحرمات، فربما زنى وحلف بغير الله عز وجل.
ولقد مرت على أسماعكم قصة ذكرها عثمان رضي الله عنه: أن امرأة اشتاقت إلى رجل وأرادت منه أن يفعل بها الزنا, فأدخلته في البيت وخيرته إما أن يشرب الخمر، أو يقتل صبياً عندها أو يزني بها, فاختار الرجل الخمر وهو يظن أنه أهون الجرائم, ولما شرب الخمر قتل الغلام وارتكب جريمة الزنا, فهذه عاقبة المسكرات والمخدرات.
أسأل الله عز وجل أن يطهر بلادنا وبلاد المسلمين عامة من هذا المرض الفتاك الذي فتك بالمسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله! فتك بالمسلمين إلا من رحم الله, وإني لأذكرهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: أن من مات وهو يدمن على هذه المسكرات أن الله يسقيه من طينة الخبال، وهي عصارة أهل النار, الذي يخرج من فروج المومسات الزانيات في النار, يسقى به صاحب المخدرات والمسكرات, فالرسول نهانا عن ذلك, وكأن البعض قالوا: لا سمع ولا طاعة يا رسول الله! وما أكثر المنهيات التي ارتكبها الكثير من الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله!