قد كورت شمس النهار وأضعفت حراً على رأس العباد تفور
وإذا النجوم تكدرت وتناثرت وتبدلت بعد الضياء كدور
وإذا الجنين بأمه متعلق خوف الحساب وقلبه مذعور
الله أكبر! جنين صغير لم يقترف ذنباً واحداً!
هذا بلا ذنب يخاف لهوله كيف المقيم على الذنوب دهور
مثل لنفسك يا عبد الله! إذا قامت القيامة، وشاب الولدان، وكثر الزحام، وارتفعت الأصوات بالبكاء، وعنت الوجوه للحي القيوم، وقد خاف من حمل ظلماً يوم القيامة نقوم وقد تغير علينا هذا العالم بما حدث فيه من انقلاب {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}[إبراهيم:٤٨] فكم من شيخ كبير ينادي في ذلك اليوم العظيم: واشيبتاه! ينادي على ما أضاع من عمره في الحياة الدنيا، وكم من كهل ينادي: واكهلاه! واعمراه! يبكي على عمره الذي أضاعه في غير طاعة الله، وكم من شاب ينادي: واشباباه!
أيها الشاب! تذكر ذلك اليوم العظيم، تذكر ذلك العمر الذي تضيعه عند الأفلام والتمثيليات، وعند الألعاب المخزية، وعند الشنار والعار في الدنيا، وسوف تذكر ذلك الشباب إذا وقفت في ذلك الموقف العظيم {وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}[إبراهيم:٤٨] نعم سوف تذكر ذلك العمر -يا عبد الله- في ذلك اليوم {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً}[الفرقان:٢٥] نزلوا ليحيطوا بالعالمين، سبعة صفوف من الملائكة، فهل لك من مفر يا عبد الله؟!
تلك هي النهاية في ذلك اليوم العظيم، يوم القيامة، قال تعالى:{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً}[النبأ:١٨].
الأولون والآخرون يجتمعون في صعيد واحد وعلى أرض واحدة ليس فيها جبال ولا وهاد:{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً}[النبأ:١٨ - ٢٠] هذه الجبال العظيمة التي نجلس سنين لنفتح نفقاً فيها! ولكن بقدرة الله عز وجل تأتي يوم القيامة كأنها سراب {كَثِيباً مَهِيلاً}[المزمل:١٤] قال الله: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً}[النبأ:١٩ - ٢٠].