للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقة الموت]

{قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً * أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} [النساء:٧٧ - ٧٨] لا بد من الموت! لا إله إلا الله! {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء:٧٨] الموت الذي كتبه الله على جميع مخلوقاته: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦ - ٢٧].

عباد الله! استعدوا للموت، فإنه تبدُّلٌ من حال إلى حال، وانتقالٌ من دار إلى دار.

فالموت هو المصيبة العظمى، والرزية الكبرى، وأعظم منه الغفلة عنه، والإعراض عن ذكره، وقلة التفَكُّر فيه، وترك العمل.

فيا عباد الله! ما هذه الغفلات والاغترار؟! وما هذا الإكباب على الدنيا وقد رأيتم تصرم الأعمار؟! وما هذا التفريط وأنتم على الآثار؟! وقد أيقنتم أن دار الفناء ليست لكم دار قرار؟!

فيا عباد الله! تأهبوا للموت الذي ما طلب أحداً فأعجزه! إي وربي، ما طلب أحداً فأعجزه! إي والله، ما طلب أحداً فأعجزه! ولا تحصن منه متحصنٌ إلا أخرجه وأبرزه! فأيُّ عيشٍ صفا وما كدَّره؟! وأي قدمٍ سعى وما عثره؟! وأي غصنٍ علا وما كسّره؟! وأي بناءٍ أشيد وما دمّره؟! وأي غافلٍ لاهٍ وما ذكّره؟! وأي ملِكٍ آمرٍ ناهٍ عالٍ وما حذَّره؟! وأي متعنتٍ جائرٍ وما نكَّسه وأصغره؟! وأي غنيٍّ ما سلب ماله وأفقره؟!

فيا عباد الله! إنه الموت، إنه الموت يأتي على غِرَّة وبدون إنذار، أما أخذ الآباء والأجداد؟! أما أخذ الشباب والأولاد؟! أما ملأ القبور واللحود؟! أما أرمل النساء، وأيتم الأطفال؟!

عباد الله! إلى متى هذه الغفلة وقد علمتم المصير؟! قال ربنا جل جلاله: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق:١٩].