[وفاة عمر رضي الله عنه]
إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما فرغ من الحج سنة ثلاث وعشرين، ونزل بـ الأبطح دعا الله عز وجل وشكى إليه أنه قد كبرت سنه، وضعفت قوته، وانتشرت رعيته، وخاف من التقصير، وسأل الله أن يقبضه إليه، وأن يمن عليه بالشهادة في بلد النبي صلى الله عليه وسلم.
في صحيح الأخبار أنه كان يقول: [[اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك، وموتاً في بلد رسولك]] فاستجاب الله هذا الدعاء، وجمع له بين هذين الأمرين، الشهادة في المدينة.
ففي يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة ضربه أبو لؤلؤة المجوسي الأصل، وهو قائم يصلي الصبح رضي الله عنه، عمر بن الخطاب قائم يصلي الصبح بالناس يؤم المسلمين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضربه المجوسي بخنجر ذات طرفين ثلاث ضربات، وقيل ست ضربات، إحداهن تحت سرته فقطعت الصفاق، فخر من قامته رضي الله عنه، واستخلف عبد الرحمن بن عوف، ورجع المجوسي لعنه الله، رجع بخنجره لا يمر بأحد إلا ضربه، حتى ضرب ثلاثة عشر رجلاً مات منهم ستة، فألقى عليه رجلاً من المسلمين بردة، فلما رأى أنه قد تمكن منه المسلمون نحر نفسه لعنه الله.
وبعد ذلك حمل عمر رضي الله عنه إلى منزله والدم يسيل من جرحه وذلك قبل طلوع الشمس، فجعل يفيق ثم يغمى عليه، ثم يذكرونه بالصلاة فيفيق ويقول: [[لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة]] ثم صلى في الوقت، ثم سأل عمن قتله من هو؟ فقالوا له: هو أبو لؤلؤة المجوسي، فقال: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي إلا على يد رجل يدعي الإيمان، ولم يسجد لله سجدة، ومات رضي الله عنه، ومات عمر بن الخطاب، مات الخليفة الراشد، مات الذي ملأ أقطار الدنيا بالعدل، مات الخليفة الزاهد، مات عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ودفن يوم الأحد بالحجرة النبوية، إلى جانب الصديق ورسول الله صلى الله عليه وسلم.
عباد الله: هذه نبذة يسيرة عن أولئك الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، اللهم وفقنا للاقتداء بهم والتأسي بأحوالهم والتخلق بأخلاقهم.
عباد الله: إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أمة الإسلام: عليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار.
أمة الإسلام: صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين!
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم اشدد وطأتك على أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم مزقهم كل ممزق، اللهم شتت شملهم وفرق جمعهم واجعلهم غنيمة للمسلمين يا رب العالمين!
اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلنا وإياهم هداة مهتدين، اللهم قيِّض لهم القرناء الصالحين، اللهم وفقهم للجلساء الصالحين الناصحين، الذين يعينونهم إذا ذكروا ويذكرونهم إذا نسوا يا رب العالمين!
اللهم أصلح أولادنا ونساءنا واجعلهم قرة أعين لنا، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.