فيا أيها الإخوة في الله! اتقوا الله عز وجل، وأكثروا من حمد الله وشكره على أن أنعم عليكم بنعمة الإسلام، إن نعمة الإسلام نعمةٌ كبيرة، أخرجنا الله بها من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، ومن الضيق إلى السعة، ومن الجور إلى العدل، ومن أحكام الطواغيت من الكهان والسحرة والمشعوذين إلى أحكام القرآن والسنة، ومن الجفاء والغلظة إلى الحلم والرحمة، ومن عبادة المخلوق والجمادات إلى عبادة الواحد القهار.
فأنعِم به من دينٍ يدعو إلى كل خير، ويُحذِّر من كل شر، دين يدعو إلى التراحم والتودد والتعاطف، يدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب، وينهى عن مساوئ الأخلاق وسفاسفها، دينٌ حث على أداء الأمانة، ونهى عن الخيانة، حث على الصدق، ونهى عن الكذب والغش والخداع، دينٌ أمر بحفظ الجوار، وإكرام الضيف، وإغاثة الملهوث، دينٌ أمر بإنظار المعسر والتيسير عليه حتى لا ينتشر الربا، ووعد أن من يسَّر على معسرٍ يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، دين التكافل والتضامن، دين من أوعاده الجميلة أن من نفَّس عن مؤمن كربةً من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة.
ومن توجيهاته السامية: أنه حث على طلب العلم الشرعي الذي فيه حياة القلوب، الذي هو ميراث الأنبياء والمرسلين، فقال صلى الله عليه وسلم:{ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة} دين يوجه الأمة ويذكرها الحال التي مضت، وما فيها من الشقاء والبؤس والعناء والتردي والانحطاط والتفرق والشتات وعبادة الأوثان والأصنام.
نعم، هذا دين الإسلام الذي ختم الله به جميع الأديان، وأَتَمَّ به النعمة على الأمة الإسلامية، حيث قال جلَّ من قائلٍ عليماً:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً}[المائدة:٣] فهنيئاً للأمة الإسلامية بهذا الدين الذي لا يقبل الله يوم القيامة ديناً سواه، قال الله تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران:٨٥].