الخلاصة يا عباد الله! أن البعض يعتبر الصلاة والصيام والزكاة والحج عادات وتقاليد ورثها عن الآباء والأجداد، ولم يعلم أنها أركانٌ تعبد الله بها الخلق، وأوجدهم لأجلها، فمن قام بها وأدَّاها امتثالاً لأمر الله عز وجل، فهو من الذين قالوا:{إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ}[الإنسان:١٠ - ١٣].
تصورهم -يا عبد الله- وهم في ذلك المكان الآمن {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً}[الإنسان:١٣ - ٢١] وفي النهاية يقال لهم: {إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً}[الإنسان:٢٢] هذا لمن أطاع الله ورسوله وقام بهذا الدين، أما الذين بعكس أولئك عصوا الله ورسوله، ولم يقوموا بهذا الدين، فاسمعوا ماذا يقول الله عنهم:{وَلَوْ تَرَى إِذْ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ * وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}[السجدة:١٢ - ١٤] فذوقوا، لا تحسبون أن الله غافلٌ عنكم، يا من أذهبتم حياتكم سُدى، وأوقاتكم قتلتموها في غير طاعة الله {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[السجدة:١٤].
أيها الإنسان! أنت في ميدان العمل، في الحياة الدنيا وعندك الإمكان.
أيها الإنسان! أنت في وقت الإمكان، فاختر لنفسك إحدى الدارين إما العمل الصالح وبعده الجنة، وإما العمل الخبيث وبعده النار.
أسأل الله بمنه وكرمه أن يوفقنا لصالح الأعمال والأخلاق، وأن يجعلنا من أهل الجنة، وألا يجعلنا من أهل النار اللهم اجعلنا من أهل الجنة، ولا تجعلنا من أهل النار، اللهم اجعلنا من أهل الجنة، ولا تجعلنا من أهل النار.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.