[حال الإنسان عند خروج الروح]
أيها الأحباب: في الختام أسأل الله أن يختم بالصالحات أعمالنا, ونختم بحديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حديث صحيح يبين لنا حالة الإنسان عند خروج الروح, يقول صلى الله عليه وسلم: {إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال على الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه, كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة, وحنوط من حنوط الجنة, حتى يجلسوا منه مد البصر, ويجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه, فيقول: أيتها النفس الطيبة! اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان, قال: فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من فيِّ السقاء فيأخذها, فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن, وفي ذلك الحنوط, ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض.
فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون: فلان بن فلان, بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا, حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له, فيفتح له فيشيّعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها, حتى يُنتهى بها إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين, وأعيدوه إلى الأرض في جسده.
فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان: من ربك؟ فيقول: ربي الله, فيقولان: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام, فيقولان: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: رسول الله صلى الله عليه وسلم, فيقولان: ما يدريك؟ فيقول: قرأت كتاب الله وآمنت به وصدقته, فينادي مناد من السماء, أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة, وافتحوا له باباً إلى الجنة, فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره, ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك, هذا يومك الذي كنت توعد, يقول له: من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح, فيقول: رب أقم الساعة, حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
وإن العبد الكافر أو الفاجر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال على الآخرة نزل إليه ملائكةٌ سود الوجوه, معهم المسوح, فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه, فيقول: أيتها النفس الخبيثة! اخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول, فيأخذها, فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح, ويخرج منها كأنتن جيفة وجدت على وجه الأرض.
فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا فيستفتح فلا يفتح له, ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف:٤٠] , فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجيل في الأرض السفلى ثم تطرح روحه طرحاً, ثم قرأ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:٣١] فتعاد روحه في جسده.
ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ها ها لا أدري, فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ها ها لا أدري, فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: ها ها لا أدري, فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي فأفرشوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار, فيأتيه من حرها وسمومها, ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه, قبيح الثياب، منتن الريحة, فيقول: أبشر بالذي يسوءك, هذا يومك الذي كنت توعد, فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه القبيح الذي يجيء بالشر, فيقول: أنا عملك الخبيث, فيقول: يا رب لا تقم الساعة}.
نسأل الله حسن الختام.
إخواني الخلق ليس بينهم وبين الله نسباً، من أطاعه أدخله الجنة ومن عصاه أدخله النار, فنسأل الله جل وعلا أن يعيننا على طاعته.