الحمد لله المحمود بفعاله، والمنعوت بصفات الجلال والكمال، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، أحمده سبحانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فرض على عباده الصلاة، ووعد من أقامها بخشوعها وآدابها بسكن الفردوس، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أوصى بالصلاة وهو يلفظ آخر الأنفاس، وهو يفارق الحياة صلوات الله وسلامه عليه، ويقول:{الصلاة الصلاة} اللهم صل على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل، واعلموا أن للصلاة شأناً عظيماً؛ لأنها الصلة بين العبد وربه الصلاة هي النور الذي يستضيء به المؤمن.
وهي البرهان على صحة الإيمان، والوسيلة لنجاة المؤمن يوم القيامة، كما ورد في الحديث:{من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً يوم القيامة}.
الصلاة -يا أمة الإسلام- هي ركن الدين، وعمود الإسلام، وهي آخر ما يفقده الناس من دينهم، فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام.
وقد تواترت الأحاديث الصحيحة عن نبينا صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس، وتفصيل أوقاتها وشروطها ومكملاتها، وفضلها وكثرة ثوابها.
فمن فضائل الصلاة: أنها أفضل عبادة يحصل فيها الخضوع والذل لله رب العالمين، وامتلاء القلب من الإيمان به وتعظيمه، وذلك مادة سعادة القلب الأبدية ونعيمه، ولا يمكن تغذية القلب بمثل الصلاة أبداً
فلا يفيد القلب الدم، ولا تفيده المرطبات، ولا تفيده كثرة المغذيات؛ إذا كان فاقداً للذة الصلاة، فلا يمكن تغذية القلب بمثل الصلاة، وأقصد بذلك حياته التي توصله إلى رب العالمين، أما الحياة البهيمية فإن القلب يكفيه ما يكفيه.
والصلاة -يا عباد الله- من أعظم الأغذية ومن أعظم ما تسقى به شجرة الإيمان، فالصلاة تثبت الإيمان وتنمي ما يثمره الإيمان من فعل الخيرات والرغبة إليها، وهي كذلك تنهى عن الفحشاء والمنكر، كما أخبر المولى جلَّ وعلا:{أَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ الله َأَكْبَرُ}[العنكبوت:٤٥] فأخبر بأن فيها الغذاء بذكر الله، والشفاء نهيها عن الفحشاء والمنكر، وأي شيء أعظم من هذا وأجل وأفضل.
ومن فضائل الصلاة: أنها أكبر عون للعبد على مصالح دينه ودنياه، كما حثنا الله على ذلك بقوله:{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}[البقرة:٤٥] أي: في كل الأمور.