[الموت هو المصيبة العظمى]
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
نسأل من الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضاه، وأن يجنبنا وإياكم ما يبغضه ويأباه، إنه على كل شيء قدير.
إخواني في الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، ونحن والله في هذه الأزمنة المظلمة، أزمنة الفتن والشرور المترادفة، التي نسأل الله جلت قدرته أن يصرفها عنا وعن جميع المحسنين إنه على كل شيء قدير، والله إننا بحاجة إلى تقوى الله سبحانه وتعالى، نسأل الله أن يجيرنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه على كل شيء قدير.
إخواني في الله: من التزم تقوى الله سبحانه وتعالى فهنيئاً له في الدنيا وفي الآخرة، هنيئاً له السعادة والفلاح والنجاح والنجاة في الدنيا وفي الآخرة، يقول الله جل جلاله: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [الزمر:٦١] لماذا؟
لأنهم اتقوا الله عز وجل، جعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية، بفعل الأوامر واجتناب النواهي.
ثم أيها الإخوة في الله: إن الموضوع هو كما علمتم (لحظة الفراق) نسأل الله أن يثبتنا وإياكم على قوله الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأي فراقٍ هو؟
هو الفراق من دار الدنيا إلى دار البرزخ، من عالم الدور إلى عالم القبور، لا إله إلا الله! فيأخي في الله تذكر ما الذي سوف تأخذه من دار الغرور، من دار الدنيا، من دار المتاع إلى عالم القبور، ثم بعد ذلك تحاسب عليه يوم البعث والنشور، تذكر ما الذي تأخذه من هذه الدنيا، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم: {أن الميت يتبعه ثلاثة: أهله وماله وعمله؛ فيرجع الأهل والمال ويبقى العمل} نسأل الله جل وعلا أن يجعل أعمالنا وأقوالنا كلها صالحة، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم إنه على كل شيء قدير.
أيها الإخوة في الله! إنها لحظة الفراق، فراقٌ من الأهل والأقارب والأصدقاء؛ إلى الانفراد بحفرة وحيداً فريداً ليس عندك إلا العمل، الله أكبر! لا إله إلا الله!
لحظة الفراق فراق الفراش اللين، والوسادة، إلى افتراش التراب، في القبر وحيداً فريداً، يقول بعضهم رحمه الله: اغتنموا أوقات الفضائل قبل فواتها، بماذا تفوت؟
تفوت بالموت كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: {إذا مات الإنسان انقطع عمله -ينقطع عمل الإنسان بالموت نسأل الله حسن الختام- إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له}.
فتأهبوا يا عباد الله! لما أمامكم، وما أنتم قادمون عليه لا محالة ألا وهو الموت {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران:١٨٥] هل تذكرت لحظة الفراق؟
عباد الله! لقد كتب الله لحظة الفراق على جميع مخلوقاته، قال الله تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦ - ٢٧].
فيا عباد الله: استعدوا للحظة الفراق فإنه الموت، تبدلٌ من حال إلى حال، وانتقال من دار إلى دار، فالموت هو المصيبة العظمى، والرزية الكبرى، وأعظم منه الغفلة عنه، والإعراض عن ذكره، وقلة التفكر فيه، وترك العمل.
عباد الله: ما هذه الغفلات والاغترار؟!
وما هذا الإكباب على الدنيا وقد رأيتم تصرم الأعمار؟! وما هذا التفريط وأنتم على الآثار، وقد أيقنتم أن دار الفناء ليست لكم دار قرار؟! اللهم أيقظنا من رقداتنا يا رب العالمين!