[سورة الانفطار تصور القيامة]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي بلغ البلاغ المبين عن رب العالمين, عليه من الله أفضل الصلاة والسلام, وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله عز وجل وأطيعوه، وتقربوا إلى الله بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
عباد الله: ورد في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من سره أن ينظر إلى القيامة رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت، وإذا السماء انفطرت، وإذا السماء انشقت} فأمر القيامة عظيم, وخطرها جسيم، قال رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: {يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك أين الملوك؟} متفق عليه, وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيمينه ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ ثم يطوي الأرأضين بالأخرى ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟} رواه مسلم.
وربنا جلَّ وعلا يقول: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر:٦٧] فإذا قام الناس من قبورهم لرب العالمين نودوا: هلمّوا إلى ربكم {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ} [الصافات:٢٤].
في ذلك اليوم خشعت الخلائق، وخضعت الرقاب وذلت للواحد القهار, تراهم يستجيبون مسارعين إلى المنادي لا يعاندون ولا يميلون؛ قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً} [طه:١٠٨] {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً * وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} [طه:١١١ - ١١٢] وفقني الله وإياكم لصالح الأعمال والإخلاص.
أسأل الله بمنِّه وكرمه أن يهدينا إلى أحسن الأعمال والأخلاق وأحبها إليه, وأن يجنبنا أبغض الأعمال والأخلاق إليه, اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك.
عباد الله: صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] رسول الله الذي أخرجكم الله به من الظلمات إلى النور, رسول الله الذي جاء بها بيضاء نقية, ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك, نعوذ بالله من الزيغ, ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا, صلوا على رسول الله القائل: {من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت إلى إبراهيم وعلى إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد, اللهم ارض عن جميع أصحاب رسولك أجمعين وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي , وعن جميع أصحاب رسولك ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين, اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه, واجعل كيده في نحره, واجعل تدبيره تدميراً له يا سميع الدعاء.
إخواني: احذروا وحذِّروا أولادكم من معلمي السوء الذين ينشرون الشر والفساد, أسأل الله بمنه وكرمه وإحسانه وجوده ولطفه وبره في من أتى إلى هذه البلاد أو بلاد المسلمين عموماً ليفسد الشباب والشابات، أو يدخل عليهم المذاهب الهدامة؛ أن يأخذه أخذ عزيز مقتدر, اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك, اللهم اجعله غذاءً للسباع في البر, وغذاء للحوت في البحار, اللهم زلزل به الأرض من تحت قدمه, قبل أن يدخل هذه البلاد أو بلاد المسلمين عموماً يا رب العالمين.
والله ثم والله في عام (٩١هـ) يدرسنا مدرس -ولا حاجة في ذكر جنسيته- التقويم, ثم استدرج في الكلام وقال: وهذا الذي قتل فيه المسيح عيسى بن مريم -قاتله الله- فقام طالب من أردى الطلاب في المعرفة فقال: كذبت يا أستاذ، عيسى بن مريم ما قتله بل رفعه الله إليه, الحق يعلو ولا يعلى, شباب نشأوا على العقيدة الإسلامية, أسأل الله أن يثبتهم عليها, وأن يرد كيد الأشرار في نحورهم, اللهم إنا نجعلك في نحور الأشرار, اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم, ونعوذ بك من شرورهم, إنك على كل شيء قدير.
اللهم أصلح ولاة أمورنا, وولاة أمور المسلمين أجمعين, في مشارق الأرض ومغاربها, اللهم أحينا مسلمين, وتوفنا مسلمين, وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين, ولا مغيّرين ولا مبدلين.
اللهم اجعل آخر كلامنا من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, وتوفنا وأنت راضٍ عنا، واجمعنا ووالدينا ووالد والدينا وذرياتنا وزوجاتنا وإخواننا وأخواتنا وجميع المسلمين والمسلمات في جنات الفردوس الأعلى يا رب العالمين, يا أكرم الأكرمين، يا أجود الأجودين، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.
وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تستجاب الدعوات بإذن الله.