أيها الرجال: تذكروا يوم أن تقف المرأة بين يدي الله وتقول: يا رب خذ مظلمتي، إما من أبيها أو من زوجها أو من وليها الذي تولى أمرها وأضاعها في الدنيا.
عباد الله: اعلموا أنكم ستعرضون على محكمةٍ قاضيها الله، ولا إله إلا الله، أين المفر أيها الرجال؟ يا من أضعتم الأمانة إذا عرضتم على محكمة قاضيها الله؟ وشعارها العدل، ومحاميها العمل، وموظفوها الملائكة، وجنودها الزبانية، وساحتها القيامة، إنها محكمة عدل حسابها بالخردلة والذرة، وحكمها مشمول بالنَّصَب.
عباد الله: إنها محكمة عدل ليس فيها ضمانة، ولا كفالة ولا مراوغة ولا تأجيل ولا تضليل، إنها محكمة عدلٍ قاضيها الله.
أيها الرجال: يا من أضعتم الأمانة تذكروا من الذي سوف يشهد عليكم إذا عرضتم على محكمة قاضيها الله، إن الشهود هي: الجوارح والأعضاء والجلود، يقول الرب جل وعلا:{حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}[فصلت:٢٠ - ٢١].
يا أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم! إنه أمر يحزن، إنه أمر يخيف من بعض الرجال الذين أضاعوا هذه الأمانة، وتركوا الحبل على الغارب للمرأة، تسافر وحدها، وتخالط الرجال، وتدخل الأسواق سافرة متعطرة فاتنة مفتونة، إنها -والله- سوف تكون مسائلة بين يدي أحكم الحاكمين سبحانه وتعالى:{يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}[النبأ:٤٠]{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً}[آل عمران:٣٠].
أيها الرجال: إنها الأمانة التي ستسألون عنها يوم أن تقفوا بين يدي الله.
يقول ابن القيم رحمه الله جل وعلا:
ويأتي إله العالمين لوحده فيفصل ما بين العباد ويحكم
ويأخذ للمظلوم ربك حقه فيا بؤس عبدٍ للخلائق يظلم
وينشر ديوان الحساب وتوضع الموازين بالقسط الذي ليس يظلم