[آداب التعامل مع القرآن]
إخواني في الله! ينبغي لنا أن نعرف ما هو القرآن: إنه كلام الله سبحانه وتعالى، أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم.
وينبغي لنا أيضاً أن نأخذ من الأوقات الحظ الوفير لتلاوة القرآن، لو تساءلنا في هذا المجلس وسأل بعضنا بعضاً: يا فلان كم قرأت من جزء اليوم؟ الله المستعان! الله المستعان! اللهم لا تجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماًَ يا رب العالمين، ولقد أجاب الكثير في كثير من المجالس، بعضهم يقول: الله يرحم الحال! بعد رمضان ما سمعنا القرآن، وبعضهم يقول: إن بكرنا يوم الجمعة قرأنا ما تيسر من القرآن وفي غير الأيام قلبت كلها شغل وراء هذه الدنيا، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا يا رب العالمين!
وهنيئاً لشباب الحلق الذين يعيشون في حلق المساجد، هنيئاً لهم وما يحصل لهم من الأجر الكبير في ذلك المجلس، نسأل الله ألا يجعل منا ولا فينا شقياً ولا محروماً.
ولذلك إخواني في الله! بعضهم رحمه الله في خطبة له ساق هذه الموعظة وفيها تأنيب وعتاب، يقول رحمه الله: عباد الله: ألا همة عالية، ألا نفوس تشتاق إلى أعمال السلف الصالح، عباد الله كفى جرياً وراء السراب -أي سراب الدنيا- كفى الاغترار بالمتاع القليل، ثم اعلموا أن عليكم رباً رقيباً لا تخفى عليه منكم خافية، قال الله جل وعلا: {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [التغابن:٤]
ثم قال رحمه الله برحمته الواسعة: عباد الله! إلى متى هذه الغفلات، وإيثار الأهواء واتباع الشهوات؟! عباد الله! لقد اشتغل الكثير من الناس بما لا يجد إلا الندم والخسارة، والله ثم والله سوف يندمون عند حلول السكرات ونزول هادم اللذات، يوم ينطرحون على فراش الموت وهيهات هيهات يا بن آدم! يا مَنْ الكرام الكاتبون مشاهدون له في النوم واليقظات!
يابن آدم! يا مَنْ خالق الخلائق ناظر إليه في الخلوات والجلوات!
أما آن لك أن ترجع وتتوب قبل أن يهجم عليك هادم اللذات ابن آدم! تأهب للموت الذي ما طلب أحداً فأعجزه.
تنبه قبل الموت إن كنت تعقل فعما قريب للمقابر تنقل
وتمسي رهيناً في القبور وتنثني لدى جدث حتى الثرى تتجندل
فريداً وحيداً في التراب وإنما قرين الفتى في القبر ما كان يعمل
الله أكبر! لو نتذكر هذا يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم! لحق للقلوب أن تلين وتخشع وتأخذ أهبة الاستعداد، المجلس الطويل يجلس فيه بعض الناس من أجل ماذا؟ يقول: نقتل الوقت، نقضي على الوقت يا أخي اتق الله، الله أكبر لا إله إلا الله.
أتقتل الوقت وتقضي على الوقت؟!
إذا أردت أن تقتل الوقت، وتقضي على الوقت فيما حرم الله فقل للملكين انتظرا حتى أنتهي من قتل الوقت، أو افعل بالوقت ما تريد، هل يسمحان لك بهذا؟ لا.
لا بد أن يمضيا معك في وظيفتهما التي وظفا من أجلها، ما هي؟ {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق:١٨] ويقول الله جل وعلا: {كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:١١ - ١٢].
فأسأل الله جل وعلا أن يوقظنا جمعياً من رقداتنا، وأن يوفقنا لاغتنام أوقات المهلة، اللهم وفقنا لاغتنام أوقات المهلة، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك يا رب العالمين!