للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

يا أمة الإسلام! الله الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! إن حماية الدين وعز هذا الدين لا تكون ولا يحصل إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

أمة الإسلام! اعتصموا بحبل الله جميعاً، وتعاونوا على البر والتقوى, مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر, ائتمروا بأمر الله, وانتهوا عما نهى الله عنه ورسوله, وتناهوا عن ذلك بقصد النصيحة لله ولعبادة الله بقصد الدعوة والإرشاد.

أيها المسلمون! لا تنسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقسم به: {فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم} لا تستبعد هداية إخوانك يا عبد الله, ألحَّ بالدعوة, أرشد وادع إلى الله عز وجل, فنوح عليه السلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعوهم إلى التوحيد, وأنت -يا عبد الله- ابذل من وقتك يسيراً {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:١٢٥] واعلم أن الهداية بيد الله, إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.

عباد الله! ادعوا إلى الله, ادعوا إلى سبيل الله بقصد النصيحة لله ولعباد الله, بقصد الدعوة والإرشاد.

أيها المسلمون! إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة على هذه الأمة الإسلامية التي هي أفضل الأمم وأكرمها على الله إن استقامت على دين الله عز وجل, ومصداق ذلك قول الله جل وعلا: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:١٠٤ - ١٠٥].

أمة الإسلام! إنكم إن قمتم بهذا الذي أمركم الله به كنتم خير أمة أخرجت للناس, كما قال الله تعالى في محكم البيان, وإن تركتم ذلك لعنتم كما لعنت بنو إسرائيل, وكنتم من شرار الأمم, إنه لا نسب بين الله وبين عباده, ولكن من اتقاه فهو الكريم عنده وأكرم الناس عند الله أتقاهم لله.

أيها المسلمون! إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقتصر على فئة معينة من الناس, بل هو واجب على الناس جميعاً, كما أخبر بذلك الناصح الأمين محمد صلى الله عليه وسلم، حيث قال: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه, وذلك أضعف الإيمان}.

عبد الله! ليس لك حجة أن تقول: لا عليّ من فلان! أو لست مكلفاً بفلان! لا.

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلفك بهذه المسئولية ويقول: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه, وذلك أضعف الإيمان}.

البعض من الناس يظن أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاص بفئة من الناس, وهذا ظن فاسد، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: {من رأى منكم منكراً} وهذا عام لكل من رأى المنكر فيجب أن يغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه بالكلام والنصح والإرشاد, أو الكلام مع ولاة الأمور إن لم ينفع الكلام مع المنصوح, وكل واحد منا يستطيع أن يتكلم مع المسئولين في منع المنكر, في لين وعطف ورحمة, ويجب على المسئولين إذا بلغهم أن يقوموا بما أوجب الله عليهم من الإصلاح, وأن يجتمعوا على ذلك لينالوا الفوز والفلاح.

إن علينا جميعاً أن نترك الدعة والسكون, وأن نقوم لله مخلصين له الدين, ونبدأ أولاً بأنفسنا وأهلينا وأولادنا ومن تحت أيدينا, ومن جاورنا, وكذلك الزملاء والأصدقاء، ينبغي علينا جميعاً أن نكون دعاة خير ندعو إلى الله على بصيرة, وتكون الهمة هي إخراج الناس من الظلمات إلى النور, من ظلمات الجهل والمعاصي إلى نور الحق.

عباد الله! الله الله بهذه المسئولية العظيمة -الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- التي جاء بها الإسلام وحثكم عليها, وإذا لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر وانغمستم في الترف, وكفرتم بنعم الله, فاسمعوا قول الله عز وجل: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} [الإسراء:١٦] ويقول ربنا أيضاً: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام:٤٤].

اللهم إنا نعوذ بك من عذابك ونقمتك, اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء, ودرك الشقاء، وسوء القضاء, وشماتة الأعداء, اللهم إنا نعوذ بك من زوال النعمة, ومن تحول العافية، ومن فجاءة النقمة, ونعوذ بك اللهم من جميع سخطك, اللهم أرشدنا وهيئ لنا الخير, واجمع كلمتنا على الحق, اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك, ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيها عن المنكر إنك على كل شيء قدير, وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب, فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.