[لا يقبل الله إلا دين الإسلام]
الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وكرمه وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا، أحمده على نعمه التي لا تزال تترى ولا تزال تتوالى على العباد وأشكره وكلما شُكِر زاد.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أمر بالمحافظة على نعمه بشكرها، ونهى عن تعريضها للزوال بكفرها، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بعثه الله ليتمم مكارم الأخلاق ويهدي لأقوم السبل، فكانت بعثته رحمة للعالمين، وحجة على الخلق أجمعين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى واشكروه على نعمة الإسلام.
أيها المسلمون: إن بين أيديكم ديناً عظيماً، اختاره الله لكم ومنَّ به عليكم، ملة أبيكم إبراهيم، دين اشتمل على كل ما اشتملت عليه أديان الأنبياء، فهو خلاصتها وخاتمتها، قال الله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى:١٣] واختار لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم خير رسول عرفته البشرية، فهو أفضل المرسلين وخاتم النبيين، به تمت به النعمة وانجلت به عنكم ظلمات الجهالة والشرك والظلم والعدوان، قال الله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [آل عمران:١٦٤].
أمة الإسلام: لقد أوصاكم ربكم جلَّّ وعلا بالتمسك بهذا الدين، والاقتداء بهذا الرسول، قال الله جلَّ وعلا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:١٥٣].
أيها المسلمون: إن أمامنا طريق السعادة مفتوح، فلماذا لا نسلكه؟!
أمامنا طريق الرقي والفلاح واضح، فلماذا نعدل عنه ونتركه، ونسلك طريق التأخر والشقاء والخسران؟!
أرأيتم أن دينكم قصر في إرشادكم إلى سبيل الفلاح؟! أرأيتم أن دينكم قصر في إرشادكم إلى طريق الفلاح فعدلتم عنه؟!
هل قرأتم في تعليمه ما يصدكم عن جلائل الأعمال ومكارم الأخلاق فهجرتموه؟!
كلا.
ثم كلا.
ثم كلا.
إنه دين الله الذي يبقى طريقاً للسعادة والرقي إلى يوم يبعثون.
إن دين الإسلام ما وجد من فضيلة إلا حث على التخلق بها، وما من رذيلة إلا حذر من قبحها وبين سوء عاقبتها، فما بال أكثرنا يسيرون على غير هدى، ويقلدون الكفار فيما حرمه الإسلام ونهى عنه، قد أهمل الكثير أمر الدين.
واستهانوا بحقوقه، وعبثوا بواجباته، وتجرءوا على انتهاك حرمات الله، واستبدلوا ذلك بأخلاق الكفار وعاداتهم وتقاليدهم مع الأسف الشديد.