الحمد لله الذي أمرنا بطاعته ونهانا عن معصيته، ووعد الصالحين بجنته ومستقر رحمته، وتوعد العصاة بدار نقمته وزوال نعمته، وهو الذي لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين.
أحمده سبحانه وأسأله أن ينظمنا في سلك عباده الصالحين، وأن يجعلنا من حزبه المفلحين، وأن يعيذنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحجة البالغة على خلقه بلا نزاع، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، البشير النذير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل.
أمة الإسلام: كان المسلمون إذا سمعوا لآيات الله القرآنية، أو للأحاديث النبوية قالوا: سمعنا وأطعنا لما فيها من الأوامر، وانتهينا لما فيها من النواهي، سمعوا وأطاعوا وأقلعوا عن الخطيئة ولم يصروا على ما فعلوا من المخالفات الشرعية.
أما في هذه الأزمنة المتأخرة، فكم نسمع من الآيات والأحاديث! ولكن ران على القلوب الران، واستحوذت عليها الغفلة، واستحسنت الفسوق والعصيان، فأقبلت على الفساد وأعرضت عن تعاليم الملك الديان.
أيها المسلمون: إذا نظرنا بدقة إلى ما نحن عليه الآن من فساد الأخلاق، ومجاهرة الفساق بالاتصاف بالنفاق، رأينا بوناً شاسعاً بين المسلمين وبين تعاليم الكتاب والسنة:{استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فزعاً محمَّراً وجهه يقول: لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب؛ فتح الليلة من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها، قالت زينب بنت جحش إحدى زوجاته رضي الله عنها: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟! قال نعم: إذا كثر الخبث}.
أجل يا أمة الإسلام! إن المجتمع الذي يستقيم أفراده ويهتدي بنور الدين ويعمل بشعائر الإسلام، ويتحلى بالأخلاق القويمة هو المجتمع الرفيع الراشد السعيد، هو المجتمع الذي كتب الله له العزة، ووعده بالخلافة في الأرض لصلاحهم؛ كما هي سنة الله في الذين خلوا من قبل، فإن الصالحين يعم الله بصلاحهم ويقطع بهم دابر الفساد، لما يقومون به من الدعوة إلى الله وإظهار دينه.