[القسم الثاني: قسم ضيعوا الصلاة]
أما هؤلاء فقد وقعوا في قول الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم:٥٩].
قال بعض العلماء: ما أضاعوها بالكلية، ولكنهم تهاونوا بها، وهذه هي حال الكثير من الناس، أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، انظر إلى أحوال الكثير من الناس، مع أنهم ارتكبوا هذا الذنب العظيم، وهو إضاعة الصلاة مع أي شيء عاشوه، فهم يعيشون مع المسلسلات طوال الليل، ومع الأغاني الماجنة، ومع الدخان، والشيشة، والبلوت، والقيل والقال، وإذا جاءت صلاة الفجر إذا هم جِيَفٌ في فرشهم، نسأل الله العفو والعافية، هذه حال كثير من الناس، صلاة الفجر نوم، وصلاة العصر إذا جاء من العمل أو الشغل وأكل الغداء اتكأ ونام، وربما نام قبل أن يغسل يديه من الغداء، وفوت عليه صلاة العصر، وربما أتبعها بصلاة المغرب، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
يقول سعيد بن المسيب عند قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:٤ - ٥] يقول: [[لا يصلي الصبح حتى تطلع الشمس، ولا يصلي الظهر حتى يدخل عليها وقت العصر، ولا يصلي العصر إلا وقت المغرب]] وهذه يا إخواني حال كثير من المسلمين في المجتمع الآن، إنا لله وإنا إليه راجعون.
أما صلاة العصر: فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث رواه البخاري، قال: {من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهله وماله} ما ظنك يا عبد الله! إذا جاءك قائل وقال: أهلك هلكوا، أموالك هلكت؟
ما هي الحال عندك؟ وما هو رد الفعل عندك؟ الله أكبر! ولكن بعض الناس يفوت صلاة العصر ولا يبالي {من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِرَ أهله وماله}.
وفي الحديث الذي رواه البخاري أيضاً يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من ترك صلاة العصر فقد حبط عملُه}.
ما ظنكم يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم بإنسان يضع المنبه على الساعة السابعة، لا يقوم من الليل إلا وقت الساعة السابعة، وقت العمل، هذا يقول بعض العلماء فيه: تعمَّد تأخير صلاة الفجر حتى هذا الوقت، ولذلك يقول الشيخ عبد العزيز بن باز حفظنا الله وإياه: عند جمع من العلماء: أن من تعمد تأخير صلاة الفجر عن وقتها حتى يدخل عليها وقت الأخرى فهو كافر، أو كما قال رحمه الله تعالى.
فنقول: يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم! نرجع إلى أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: {من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله}.
ثم يقول صلى الله عليه وسلم أيضاً: {من صلى البردين دخل الجنة} يا رب! لا تحرمنا فضلك، اللهم لا تحرمنا فضلك، اللهم لا تجعل منا ولا فينا شقياً ولا محروماً يا رب العالمين {من صلى البردين دخل الجنة} والبردان هما: الفجر، والعصر.
ويقول صلى الله عليه وسلم أيضاً -وكل هذه أحاديث صحيحة-: {لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} يقصد: الفجر والعصر، ولذلك وعد ربنا جل وعلا المحافظين على الصلاة أن يكرمهم بجنة الفردوس، وهي أعلى منازل الجنة، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: {إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة، ومنه تُفجر أنهار الجنة} قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون:٩ - ١١].
وتوعَّد ربنا جل وعلا أقواماً إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى بالدرك الأسفل من النار، نعوذ بالله من النار، أخبر الله عنهم أنهم يصلون؛ ولكن لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى، وفي الآية الأخرى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى} [النساء:١٤٢] أين موعدهم؟ قال الله جل وعلا: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء:١٤٥].
هذا القسم الثاني الذين تهاونوا بالصلاة في المجتمع.