للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصف الجنة]

الحمد لله رب العالمين الذي خلق الجنة وأعدها لمن أطاعه واتقاه، وخلق النار وأعدها لمن عصى وتكبر وابتعد عن طاعة الله، أحمده سبحانه أوضح لنا طريق الحق وأمرنا باتباعه، ونهانا أن نسلك سبل الغواية والضلال، لأجل الأمر والنهي أنزل الكتب وأرسل الرسل لئلا يكون للناس على الله حجة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل وهو الذي لا ينطق عن الهوى: {كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله! قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد:

يا من تريدون النجاة من النار والفوز بدار القرار: يا من يريد أن يسكن في الجنة ويبعده الله عن النار! فالبدار البدار إلى الإيمان بالله والأعمال الصالحة التي تقرب من الله زلفى! قال الله تعالى: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الدَّرَجَاتُ الْعُلى * {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى} [طه:٧٥ - ٧٦] وأيضاً يصدر الخبر اليقين بأن الله أعد الجنة للذين آمنوا وعملوا الصالحات فيقول وقوله الحق: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً} [الكهف:١٠٧ - ١٠٨].

أيها الإخوة في الله: بادروا بالمنافسة والمسارعة إلى الجنة، ليقم القائمون، وليصم الصائمون، وليتصدق المتصدقون، أقبلوا على اللطيف الخبير، وأصلحوا ما دام في العمر فسحة، فإنكم والله لا تدرون لعلكم لا تصبحون بعد أن تمسوا، ولا تغتروا بهذه الحياة الدنيا فإنها دار غرور، خداعة مدبرة فانية، فالله الله فيما يقربكم من الله والدار الآخرة! فإن الآخرة مقبلة باقية ثم فريق في الجنة وفريق في السعير.

أيها الإخوة في الله: لقد وصفت لنا الجنة ووصفت لنا النار، وصفها الله جل وعلا في كتابه، ووصفها رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، فالمؤمن بالله حقاً إذا سمع تلك الأوصاف في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ازداد شوقاً وفرحاً إلى الجنة، وخوفاً وهروباً من النار، فالجنة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، فاقرءوا إن شئتم: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:١٧]}.

نعم -يا عبد الله- إنها دار الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.