[أهمية المسجد في الحياة الاجتماعية]
الحمد لله أحمده وأستعينه وأستهديه وأستغفره وأتوب إليه، وأعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلِّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
يا أيها الناس: اتقوا الله عزَّ وجلَّ، واعرفوا ما للمساجد من المكانة، وعظموها في أنفسكم، فهي بيوت الله في الأرض، بيوتٌ تضيء الأرض كما تضيء النجوم للسماء منارات للسالكين، وهداية للطائعين، ومقصدٌ للعارفين، وموئلٌ للذاكرين، تنطلق من مناراتها دعوات التوحيد، وتكبيرات الإجلال لله رب العالمين.
تهيب بكل مسلم: حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، فسرعان ما تهوى إليها القلوب المؤمنة بالله، المصدقة لوعده، وسرعان ما تخطو إليها الخطى، ولها بكل خطوة صدقة، ووعدٌ آخر، خطوة ترفع بها درجة، وخطوة تحط بها خطيئة.
إنها المساجد يتوافد عليها المسلمون زرافات ووحدانا، في طهارة ثوب وبدن، وخشوع قلب، واستكانة لله رب العالمين، ما أحسن تلك الأحوال لو تحققت يا عباد الله! ما أحسن تلك الأحوال لو تحققت في زماننا وطبقناها على أنفسنا وفي مجتمعنا، فتلتقي شتات القلوب على توحيد الواحد الأحد، فتتآخى في وَحْدَةٍِ، لا ينال منها اختلافُ الأجناسِ، ولا تَبَايُنِ الألسُنِ والألوانِ، ولا تتميز إلا بالتقوى، هكذا كان المسجد منذ فجر الإسلام، وعلى مدار عصور التاريخ الإسلامي، معاهد علم، ومجامع أخوَّة، فهو أول قدسية في الإسلام، وهو أول مدرسة في الإسلام درَّس فيها محمد صلى الله عليه وسلم، وتخرَّج على يديه رجال نشروا الدعوة في الآفاق، وفتحوا الفتوحات، ومصَّروا الأمصار، وعلَّموا العالَم ما لم يعلموا من علم الله جل وعلا، أخرجوا العالَم من براثن الجهل إلى نور العلم، ومن عباة الأوثان والأصنام إلى عبادة رب العالمين.
عباد الله: إن للمسجد دور فعال، حيث شرع الله جل وعلا اجتماع المسلمين فيها للجمعة والجماعة، يلتقون فيها على علم نافع، ووعظ زاجر، يحثهم على الإقبال إلى الله والدار الآخرة، ويحذرهم مغبة الغفلة والنسيان؛ ولكن مع الأسف الشديد، لقد تعطلت أكثر المساجد من المصلين، والذي يصلون يظنون أن المساجد للصلاة فقط، فلا يفرغون لأنفسهم من أوقاتهم ساعات قليلة يتفقهون فيها بدين الله عزَّ وجلَّ، ويتعلمون أحكام دينهم، والبعض من الناس إذا كان في المسجد حديث، وخاصة العشاء، تأخر ليشرب الشاي، ويلهو ويسهو حتى تُقام الصلاة، وينقضي وقت الحديث، ويُشغل نفسه بأشياء تافهة، حتى يفوِّت على نفسه خيراً كثيراً.
فهذه أحوال الكثيرين اليوم من المسلمين, فلا حول ولا قوة إلا بالله.
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.
اللهم اهدنا ووفقنا وأرشدنا لما تحبه وترضاه، واجعلنا هُداة مهتدين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين.
اللهم ارزقنا الحب فيك، والبغض فيك، واجعلنا اللهم نحب فيك، ونبغض لك، يا رب العالمين.
اللهم أعزنا بالإسلام، اللهم أعزنا بالإسلام، اللهم أعزنا بالإسلام، ورد دور مساجدنا كما كانت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم منارات للعلم والذكر والخير الكثير.
اللهم صلِّ على نبينا محمد، وصلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].
ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.
وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأنعم بهم من رجال، وبقية الصحابة أجمعين، رضي الله عنهم، ورضي عمن تبعهم من السلف الصالح، ومن العلماء العاملين، الذين عملوا بعلمهم.
أيها العلماء: إن عليكم مسئولية عظيمة هي تبليغ ما في كتاب الله، وما في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رسول الهدى وقد رسم ذلك لكم في وصية له، فقال صلى الله عليه وسلم: {بلغوا عني ولو آية} ماذا تردون عن هذا الجواب يوم القيامة؟ إذا رأيتم الناس يُسألون عن غيهم وجهلهم، وهم يتخبطون في جهلهم، والعلماء الآن حازوا على الشهادات وجعلوها في البراويز، وجعلوها مناظر في المجالس، والله إنهم مسئولون عن علمهم، كم نرى في المساجد أن يأتينا عالم من علماء المسلمين يزورنا ويلقي إلينا كلمات؟ لم نرَ أحداً إلا إنساناً مجتهداً من الجهال مثلي ومن أمثالي، يقفون أمام الناس يتخبطون خَبْطَ عشواءٍ، أما العلماء الذين أخذوا الشهادات وبروزوها في البراويز، فإنهم رقدوا عليها وناموا، وسوف يسألهم الله عزَّ وجلَّ عن ذلك {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ} [الشعراء:٨٨].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الإسلام والمسلمين.
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك من المسلمين، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك من المسلمين.
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.
اللهم وفق ولاة المسلمين لما تحبه وترضاه، اللهم وفقهم لما تحبه وترضاه، اللهم وفقهم وأعنهم على الأخذ على أيدي السفهاء حتى يأطروهم على الحق أطراً، إنك على كل شيء قدير.
اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين أجمعين، في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم اجمع كلمتهم على الحق، يا رب العالمين، ووحد صفوفهم، اللهم وحد صفوفهم، اللهم ارفع علم الجهاد، واقمع أهل الشرك والزيغ والفساد والعناد.
آمين يا رب العالمين.
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.