بين الله في سورة الانفطار انقسام الخلق يوم القيامة إلى أبرار وفجار وذكر مآل كلٍّ من الفريقين فقال جلَّ من قائل عليماً:{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}[الانفطار:١٣] من هم الأبرار؟ هم الذين آمنوا واتقوا ربهم في الدنيا وتقربوا إليه بطاعته وطاعة رسله عليهم أفضل الصلاة والسلام, فإنهم في بهجة وسرور لا يوصف, يتنعمون في رياض الجنة بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
ثم قال الله تعالى:{وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}[الانفطار:١٤] والفجار هم الذين عصوا ربهم في الدنيا وتعدوا الحدود وانحرفوا عن الطريق المستقيم، فإنهم في نار محرقة وعذاب دائم مقيم في دار الجحيم, قال تعالى:{يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ}[الانفطار:١٥] أي: يدخلونها ويقاسون حرها في ذلك اليوم، يوم الدين الذي كانوا به يكذبون.
وهذا أيضاً فيه هدم لنظريات أولئك الخبثاء الذين يريد بعض الناس أن يطلع على كتبهم وعلى مذاهبهم الخبيثة الهدامة، المذهب الشيوعي الدُّهري الذي ينكر وجود الرب جلًّ وعلا، وينكر الجنة والنار، والجزاء والحساب, ولكن الله جلَّ وعلا يقرر ذلك بقوله:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}[الانفطار:١٧] تعظيماً لهذا اليوم, وأي شيء هو في شدته وهوله أشد من ذلك اليوم؟ {ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}[الانفطار:١٨] قرر ذلك تعظيماً لشأنه, وتهويلاً لأمره, ثم قال:{يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}[الانفطار:١٩] هو ذلك اليوم الرهيب، الذي لا يستطيع أحد أن ينفع أحداً بشيء من الأشياء ولا يدفع عنه ضراً.
عباد الله: اتقوا الله عز وجل، واستعدوا لما أمامكم، فإن خير الزاد لذلك اليوم هو تقوى الله عز وجل, واحذروا ثم احذروا من المذاهب الهدامة، والعقائد الفاشلة الباطلة، التي يروجها أعداء الإسلام وأعداء المسلمين.
اللهم بارك لنا بالقرآن العظيم, واجعلنا من أهل القرآن العظيم, الذين هم أهلك وخاصتك يا رب العالمين, وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.