للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة في المداومة على العمل الصالح وترك البدع]

فيا عبد الله: ويا عباد الله جميعاً! إياكم ومحدثات الأمور! واللهَ اللهَ في طاعة الله، فوالله إن عمر الدنيا قصير، فلماذا لا نشغل أوقاتنا بقراءة القرآن، وطلب العلم النافع، وذكر الله عز وجل، ونوافل العبادات؟ لماذا لا نملأ هذه الخزائن التي سوف نجدها يوم القيامة؟ إما أن تجد في هذه الخزائن خيراً، وإما أن تجد فيها شراً يا عبد الله!

يقول: الرسول صلى الله عليه وسلم: {من صلى لله في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعاً من غير الفريضة، بنى الله له بيتاً في الجنة} فكيف تضيع هذا الفضل يا عبد الله؟! ومع الأسف الشديد نرى من الناس الذين يصلون، يقولون: نريد إماماً يعجل في الصلاة، لماذا؟ لأننا نضيق في المسجد، نريد إماماً يقيم في المكبِّرة حتى نأتي ونصلي هذه الفريضة ونخرج، الله أكبر يا عبد الله! {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:١١٥] أجل -يا عبد الله- إنك لم تخلق عبثاً {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦] خلقك الله لطاعته، خلقك الله لعبادته، وقد تكفل برزقك {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود:٦] فلماذا -يا عبد الله- هذا الانشغال في الدنيا؟ اثنتا عشرة ركعة تطوعاً من غير الفريضة، يبنى الله لك بها بيتاً في الجنة.

ثم يقول في حديث، قال عنه رواة الحديث: إنه حسن صحيح: {من حافظ على أربعٍ قبل الظهر، وأربع بعدها، حرمه الله على النار} الاثنتا عشرة ركعة هي: أربع قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء ركعتان قبل صلاة الغداة، يعني: قبل صلاة الفجر.

واعلم -يا عبد الله- أن ركعتي الفجر التي هي النافلة خير من الدنيا وما فيها، فهاتان الركعتان تقرأ فيهما (قل يا أيها الكافرون) (وقل هو الله أحد) فهما خير من الدنيا وما فيها، فلماذا -يا أخي- نضيع هذا الفضل؟! ثم إن البعض من الناس لا يهتم بالصف الأول الذي حث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبعض من الناس لا يهتم بكثرة الخطى إلى المساجد، وكل خطوة تخطوها إلى الصلاة صدقة يا عبد الله! يرفع لك بالأولى درجة، ويحط عنك بالثانية خطيئة.

يا أخي: إذا أردت أن يحيا القلب وينتفع بالمواعظ، فبادر بالأعمال الصالحة؛ لأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، انظر إلى بعض الناس عندما يستقيم، في البداية تجد عنده رغبة وتجد عنده اشتياقاً لطاعة الله عز وجل، لكن ينبغي -يا عبد الله- أن تبادر إلى طاعة الله عز وجل.

أسأل الله عز وجل أن يجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، وألا يجعل فينا ولا منا شقياً ولا محروماً، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والتمسوا لهذا الفقير المسكين إلى الله، التمسوا له عذراً لقلة علمه وقلة تعبيره، فالمؤمن مرآة أخيه يستر على أخيه العيوب، ولا يفشيها ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، وأسأل الله أن يجمعنا جميعاً في جنات الفردوس الأعلى إنه على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.