إني أحبكم في الله وبعد: إني شابٌ عرفت طريق الحق، وصرت ملتزماً ولله الحمد والمنة، ومع ذلك فإني أقع في كبائر الذنوب، وكلما تبت، عدت مرةً أخرى، فهل إذا تبت ورجعت إلى الله توبةً صادقةً تقبل توبتي؟ هل أكون ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله مع ما ارتكبت من الذنوب والمعاصي؟
الجواب
أحبك الله الذي أحببتني فيه، ثانياً: أنت ما استقمت الآن يا أخي ما دام أنك تمارس الكبائر، لأن الاستقامة والتوبة الصادقة أن يعزم الإنسان على ألا يعود إلى المعاصي، ويندم على ما فات، ويقلع، أما أنك تتوب النهار ثم إذا جلست مع أهل البلوت والكينكان والذين عندهم خادمة -نسأل الله العافية- أو مع أهل الحبوب والمخدرات انزلقت معهم، فهذه ليست توبة، هذه توبة الكذابين، ما بالك إذا هجم عليك الأجل!
لو نفكر بالموت يا عباد الله دائماً، لكن نحن الآن مستبعدين للموت، نقول: ست سنوات في الابتدائي، وثلاث سنوات في المتوسطة، وثلاث سنوات في الثانوية، وأربع سنوات في الجامعة، ثم أتخرج، ثم نتطور، ثم نفسد في أرض الله، ثم نأتي ونتوب، من أين لك الأمل يا عبد الله؟ هل لك صك في هذا، والله لا نعلم هل نخرج من هذا المكان بعد أن نصلي فريضة العشاء، أم لا، والله لا ندري هل نصبح أم لا، الرسول صلى الله عليه وسلم يضرب على منكب عبد الله بن عمر ويقول:{يا عبد الله! كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل} ماذا يقول هذا التلميذ المجيد؟ يقول:[[إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت، فلا تنتظر المساء]] هؤلاء الرجال، أما نحن فعندنا أمل طويل طويل، وهذا هو الذي أنسانا الموت، وإلا إذا زرنا المقابر امتثالاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:{زوروا القبور، فإنها تذكركم بالآخرة} زر الثلاجة في المستشفى يا عبد الله تجد فلاناً خرج الصبح وذهب إلى المكتب وإذا هو يصطدم بالسيارة، وإذا هم يتصلون بأهله ويقولون: أبوكم في الثلاجة، وهذه نهاية الإنسان يا عبد الله، لكن النهاية نهايتين:
١ - نهاية على حسن عمل، وعلى حسن خاتمة، فهذا يبشر برضوان الله عز وجل.
٢ - ونهاية على سوء خاتمة، وعلى أعمال خبيثة، فيا ويله مما أمامه.
فعليكم يا إخواني بالتوبة النصوح والمبادرة إلى الله عز وجل، أسأل الله أن يرزقنا توبةً نصوحاً إنه على كل شيءٍ قدير.