[الغفلة هي الداء العضال]
ابن آدم: يا مدعواً إلى نجاته وهو يتوانى! يا مأموم الهوى كم أورث الهوى هواناً! يا هائماً في فيافي الغفلات كم أورثت الغفلات صاحبها حرمانا!
ابن آدم! أما أخبرت أن رحيلك إلى الآخرة قد أزف وتدانى {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق:١٩]
ذنوبك يا مغرور تحصى وتحسبُ وتجمع في لوح حفيظ وتكتبُ
وقلبك في سهو ولهو وغفلة وأنت على الدنيا حريص معذبُ
تباهي بجمع المال من غير حله وتسعى حثيثاً في المعاصي وتذنبُ
الله أكبر! كأنه والله يخاطبنا في هذا الزمان يا إخوان!
لا إله إلا الله كيف لو رأى زماننا! زمان الربا والغش والمخادعات والخيانات والرشوة وبيع آلات اللهو والمخدرات والمسكرات وبيع الدخان، وبيع مجلات الصور الخليعة التي فيها الضلال والغواية نسأل الله العافية! كيف لو رأى هذا الزمان رحمه الله!
أما تذكر الموت المفاجيك في غد أما أنت من بعد السلامة تعطبُ
أما تذكر القبر الوحيش ولحده به الجسم من بعد العمارة يخربُ
أما تذكر اليوم الطويل وهوله وميزان قسط للوفاء سينصبُ
تروح وتغدو في مراحك لاهياً وسوف بأشراك المنية تنشبُ
تعالج نزع الروح من كل مفصلٍ فلا راحم ينجي ولا ثم مهربُ
وغمضت العينان بعد خروجها وبسطت الرجلان والرأس يعصبُ
وقاموا سراعاً في جهازك أحضروا حنوطاً وأكفانا وللماء قربوا
وقد نشروا الأكفان من بعد طيها وقد بخروا منشورهن وطيبوا
وألقوك فيما بينهن وأدرجوا عليك مثاني طيهن وعصبوا
وفي حفرة ألقوك حيران مفرداً تضمك بيداء من الأرض سبسبُ
إذا كان هذا حالنا بعد موتنا فكيف يطيب اليوم أكلٌ ومشربُ
وكيف يطيب العيش والقبر مسكنٌ به ظلمات غيهب ثم غيهبُ
وهول وديدان وروع ووحشةٌ وكل جديد سوف يبلى ويذهبُ
فيا نفس خافي الله وارجي ثوابه فهاذم لذات الفتى سوف يقربُ
فيا عباد الله: احذروا من الغفلة، وتذكروا هاذم اللذات.
هو الموت ما منه ملاذ ومهربُ متى حط ذا عن نعشه ذاك يركبُ
نشاهد ذا عين اليقين حقيقةً عليه مضى طفل وكهل وأشيب
فيا من شغلته الدنيا عن طاعة الله، وأغفلته ذكر الله! استيقظ ما دمت في زمن الإمكان.