الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، اللهم لك الحمد حمداً يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا أيها الإخوة في الله! ويا أيتها الأخوات في الله! حياكم الله في بيت من بيوت الله، ومع موضوعٍ يهم الجميع الرجال والنساء: التقليد والنساء.
أبدأ أولاً بالرجال الذين هم القوامون على النساء، الذين فضلهم الله عليهن بما ذكره في محكم الكتاب، يقول الله جل وعلا:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}[النساء:٣٤] قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: يخبر تعالى أن الرجال قوامون على النساء، أي: قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى من المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك، وقوامون عليهن -أيضاً- بالإنفاق عليهن والكسوة والمسكن، ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء، فقال تعالى:{بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[النساء:٣٤] أي: بسبب فضل الرجال على النساء، فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة، مثل كون الولايات، والنبوة والرسالة مختصة بالرجال، واختصاص الرجال بكثيرٍ من العبادات؛ كالجهاد والأعياد والجمع وبما خصهم الله به من العقل والرزانة، والصبر والجلد الذي ليس للنساء مثله، وكذلك خص الرجال بالنفقات على الزوجات، بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال ويتميزون عن النساء إلى آخر ما ذكر الشيخ رحمه الله تعالى.