[قصيدة زين العابدين في وصف الموت]
يقول بعضهم رحمه الله تعالى:
كأنني بين تلك الأهل منطرحاً على الفراش وأيديهم تقلبني
وقد أتوا بطبيبٍ كي يعالجني ولم أرَ الطب هذا اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموت يجذبها من كل عرقٍ بلا رفقٍ ولا هونِ
واستخرج الروح مني في تغرغرها وصار في الحلق مراً حين غرغرني
وغمضوني وراح الكل وانصرفوا بعد الإياس وجدُّوا في شرا الكفني
وقام من كان أولى الناس في عجلٍ إلى المغسِّل يأتيني يغسلني
وقال يا قوم نبغي غاسلاً حذقاً حراً أديباً أريباً عارفاً فطنِ
فجاءني رجلٌ منهم فجردني من الثياب وأعراني وأفردني
لا إله إلا الله! إنها الحالة التي سوف تمر بنا جميعاً يا أمة محمد، فتذكر أخي في الله إذا وُضِعْت على المغسَّل، وشُقَّ الثوب ليغسلوك، ويجردوك من ملابس الدنيا التي كنت تتعب فيها.
لا إله إلا الله!
فجاءني رجلٌ منهم فجردني من الثياب وأعراني وأفردني
وأطرحوني على الألواح منفرداً وصار فوقي خريرُ الما ينظفني
وألبسوني ثياباً لا كِمام لها وصار زادي حنوطاً حين حنطني
وقدموني إلى المحراب وانصرفوا خلف الإمام فصلى ثم ودعني
صلوا عليّ صلاة لا ركوع لها ولا سجود لعل الله يرحمني
ثم بعد ذلك أين المستقر؟! إلى أن يقوم الناس لرب العالمين.
أين المثوى؟! لا إله إلا الله! أين النُّقْلة؟!
إلى عالم القبور، إلى بيت الوحدة، إلى بيت الغربة، إلى بيت الوحشة، إلى بيت الدود، إلاَّ من وسعه الله عليه، لا إله إلا الله!
وأنزلوني إلى قبري على مَهَلٍ وأنزلوا واحداً منهم يلحدني
من ينزل معه؟! من يسكن معه في ذلك القبر الضيق؟! لا إله إلا الله! يتبعه في قبره عمله كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يتبع الميت ثلاثة؛ يرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع الأهل والمال، ويبقى العمل} لا إله إلا الله!
وأنزَلوني إلى قبري على مهلٍ وأنزلوا واحداً منهم يلحدني
فقام محتزماً بالعزم مشتملاً وصفف اللبن من فوقي وفارقني
وقال هُلُّوا عليه الترب واغتنموا حسن الثواب من الرحمن ذي المننِ
في ظلمة القبر لا أمٌ هناك ولا أبٌ شفيقٌ ولا أخ يؤنسني