للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شدة هول يوم القيامة]

حين ينفخ في الصور، يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاةً بلا نعال، وعراةً بلا ثياب، وغرلاً بلا ختان.

حدَّث نبينا صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، فقالت عائشة رضي الله عنها وأرضاها: {يا رسول الله! النساء والرجال جميعاً؛ ينظر بعضهم إلى بعض؟! فقال صلى الله عليه وسلم: يا عائشة! الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض} وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض، أجل -يا عباد الله- إن الأمر أشد من أن ينظر الرجال إلى النساء، أو النساء إلى الرجال، إن الأمر عظيم، إن الأمر أعظم من أن تسأل الأم عن ولدها والابن عن أبيه، يقول تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون:١٠١] تنقطع العلاقات، تنقطع المعارف، لا يعرف أحدٌ أحداً، الأبصار شاخصةٌ للحي القيوم، {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون:١٠١] هنالك القلوب واجفة، والأبصار خاشعة، هنالك تنشر الدواوين، وهي صحائف الأعمال، فيأخذ المؤمن كتابه باليمين، ويأخذ الكافر كتابه بالشمال أو من وراء ظهره {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ} [الحاقة:١٩] فرحاً مسروراً {هَاؤُمُ اقْرَأوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة:١٩] فزت، ونجحت، أخذت العلاوة، أخذت المرتبة {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ} [الحاقة:٢٥] حزناً وغماً {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} [الحاقة:٢٥] ويدعو ثبوراً في ذلك اليوم العظيم، وفي ذلك اليوم العظيم توضع الموازين، فتوزن فيها أعمال العباد من خيرٍ وشرٍ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة:٧ - ٨] ويقول الحق جل وعلا: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:٤٧].