للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية المداومة على الطاعة]

السؤال

فضيلة الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فإنا عند سماع مثل هذه المواعظ نحس بأننا صرنا رقيقي القلوب وضعفاء إلى الله، وإذا خرجنا نسينا كل ما كان، فما هي نصيحتكم لنا جزاكم الله خيرا؟

الجواب

كثيرون يسألون عن هذه، ولكن العلاج لهذا أن الإنسان يكثر من مجالس الذكر وهي رياض الجنة، وكذلك الإيمان ينمو ويزداد إذا ثابر الإنسان على حلق الذكر، وكذلك إذا داوم على طاعة الله عز وجل، فإن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعاصي نسأل الله العافية، وكذلك يقرأ القرآن، يا أخي! أقل شيء أنت عندك سور قصيرة، اقرأ (القارعة) اقرأ (إذا زلزلت الأرض زلزالها) اقرأ هذه السور ويتبين لك أمر عظيم، لا تقرأ (البقرة) و (آل عمران) اجلس في زاوية البيت واقرأ.

عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- صلى العشاء ودخل إلى محرابه في البيت، فجعل يبكي ويبكي، بعض الناس الآن إذا رأوا من يبكي ينكرون عليه وذلك لقسوة قلوبهم، يقول بعض الناس: لماذا هذا البكاء، هذا اصطناعي نسأل الله العافية، هذا والله قلبه قاس، ولما قسى قلبك ضربت الناس بهذا المثل، نسأل الله العفو والعافية، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {ابكوا وإن لم تبكوا فتباكوا} وبعض الناس لقساوة قلبه وغروره يقول: هذا البكاء اصطناعي، لماذا هذا البكاء؟ الله أكبر!

هذا أبو بكر رضي الله عنه كان إذا قام في الصلاة كأنه عود من خشية الله، وعائشة تقول: لا يقدر أن يصلي ومعنى كلامها لما أمره الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصلي عنه في حال مرضه قالت: إنه لا يقدر أن يقرأ القرآن، أو كما قالت رضي الله عنها، فهذا أبو بكر رضي الله عنه، لكن هذا لا يأتي إلا عن قوة الإيمان.

كذلك عمر بن الخطاب كان في وجهه خطان أسودان من البكاء، عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه الذي ما سلك فجاً -أي: طريقاً- إلا وسلك الشيطان طريقاً آخر، الذي بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصر أحمر في الجنة.

وهاهم السلف الصالح يبكون ويتباكون عند قراءة القرآن، عمر بن عبد العزيز كان يجمع من حوله العلماء يقرءون القرآن ويتذاكرون الجنة ويبكون كأن بينهم جنازة، ونحن إذا رأينا أحداً يبكي أنكرنا عليه وقلنا: هذا بكاءٌ اصطناعي!

أما أن بعض الناس يغشى عليه أو يسقط، فهذا البكاء والتباكي لا ينبغي عند سماع كتاب الله عز وجل وعند سماع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

ووجد من السلف مَن إذا حدث بأحاديث الرسول جعل يبكي رضي الله عنه، ونحن الآن إذا دخل الشوط الأول أو الشوط الثاني سقط بعض الناس مغشياً عليهم، ولا ننكر عليهم نقول: يا سلام هذا يشجع، هذا بطل!! نعم.

هذا هو البطل الذي يغشى إذا دخل الشوط الأول والشوط الثاني، لكن إذا بكى أحد من خشية الله نقول: هذا اصطناعي!! فهل فتحنا قلوب الناس حتى نرى هل بكائهم هذا اصطناعي أو حقيقي؟ لا.

كذلك تكملة لحديث عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما دخل بيته بعد صلاة العشاء جعل يبكي في محرابه، فجعل أهله يبكون معه وهم لا يدرون لماذا يبكي! فسمع الجيران البكاء فبكوا، ماذا حصل؟ غلب الفريق الثاني أم دخل الشوط الأول؟! قال عمر بن عبد العزيز: لا.

تذكرت منصرف الناس يوم القيامة، فريق في الجنة وفريق في السعير فجعلت أبكي، الله أكبر! صحيح هذا هو الذي يبكى له، نعم يا أخي ينبغي لنا أن نبكي ونتباكى عند سماع كتاب الله عز وجل، ولكن من يحصل له ذلك؟ هذا لا يحصل إلا لنادر من الناس.

نسأل الله أن يلين قلوبنا القاسية، يقول عثمان بن عفان رضي الله عنه: [[لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم]] هذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه الخليفة الثالث الراشد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال فيه رسول الله: {كيف لا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة}

فينبغي لنا أن نرجع إلى الأصل إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وننظر إلى أحوال السلف الصالح رضي الله عنه حتى نأخذ منهم منهجاً نقتدي به.