[من أسباب الهزيمة المعصية]
في غزوة أحد نصر الله رسوله في أول الأمر وقال للرماة: لا تبرحوا مكانكم سواء انتصرنا أم لم ننتصر, ولكنهم لما عصوا رسول الله وجاءوا يأخذون معهم الغنائم, كرّ عليهم العدو وفتك بالمسلمين فتكاً عظيماً, بمعصية قليلة انهزم المسلمون وكادوا يقتلون رسول الله صلى الله عليه وسلم, ألقوه في الحفرة وأدموا وجنتيه وكسروا رباعيته صلى الله عليه وسلم, بسبب معصية خالف بها بعض الصحابة رضي الله عنه فكيف الآن بالمسلمين؟ ترك البعض الصلاة -والعياذ بالله- والكثير منهم لم يعرف الصلاة إلا في رمضان, الكثير من شباب الإسلام لا يعرف الصلاة -والعياذ بالله- ولا يعرفون أموراً عظيمة قد تركوها, فوالله لن يؤتى المسلمون إلا من قبل أنفسهم، إن أتاهم آت فإنما يؤتون من قبل أنفسهم وبسبب معاصيهم لله عز وجلَّ.
إذا لم يتوبوا ويرجعوا إلى الله فإن الله يغار، يا عباد الله! إن الله ليس بغافل, إن الله مطلع على السرائر ويعلم ما في الضمائر.
فعلينا -يا عباد الله- أن نتوب إلى الله قبل أن يحل بنا ما حل بالمجاورين, ليس بين الله وبين خلقه نسباً, انظروا إلى المجاورين بعدما كانوا في جنات ونهر, وفي ثمار وفي نعمة ورغد عيش, الآن انظروا إليهم ماذا يعملون يأكلون الخشاش -والعياذ بالله- ويأكلون القطط، يأكلون الكلاب، تدوسهم الأعداء بالأحذية لماذا؟! لأنهم عصوا رب العالمين وخالفوا أمره والله لا يخلف الميعاد.
أسأل الله بمنِّه وكرمه أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه, وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه, وأسأل الله عز وجلَّ أن يصلح قادة المسلمين، أسأل الله أن يرزقهم الجلساء الصالحين، أسأل الله أن يرزقهم البطانة الصالحة التي تحثهم على الخير وتأمرهم به وتعينهم عليه.
أسأل الله عز وجلَّ أن يقوي شجرة الإيمان في قلوبنا حتى نغار, وحتى نأمر بالمعروف, وحتى ننهى عن المنكر, وحتى نكون كما أراد الله قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠].
اللهم قوي إيماننا بك, وبملائكتك, وبكتبك, وبرسلك, وباليوم الآخر, وبالقدر خيره وشره، اللهم أصلحنا وأصلح لنا وأصلح بنا واجعلنا هداة مهتدين يا رب العالمين.
عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:٩٠ - ٩١] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم, واشكروه على وافر نعمه يزدكم, لا تكفروا النعمة يا عباد الله, احذروا من كفران النعمة, احذروا من المعاصي فإنها تجلب النقم وتزيل النعم, احذروا ثم احذروا! قبل أن يحل بكم ما حل بمجاوريكم, واجعلوا هذه العبارة بين أعينكم وارسموها في جدران قلوبكم, احذروا ثم احذروا! لا يصيبكم ما أصاب المجاورين من زوال النعم ومن دوس الأعداء ومن فتكهم, ومن انتصارهم, ارجعوا إلى ربكم, توبوا إلى ربكم, أقلعوا عما أنتم فيه يا عباد الله.
أسأل الله أن يرزقني وإياكم التوبة النصوح, وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.