للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انتشار الذنوب والمعاصي وغزو أعداء الله للمسلمين]

عباد الله: كم نسمع ما يحصل في هذه الأزمان، بل في هذه الأيام من أسباب الذنوب والمعاصي! فالكثير من الناس ابتعد عن تعاليم الإسلام، وآدابه وأخلاقه وأصبح يتلقى البدع والمحدثات، التي غُزي بها أهل الإسلام، مِن قِبَل أعدائهم، وأصبح بعض الناس يقلد الكفرة، حتى إن البعض من المسلمين -مع الأسف الشديد والحزن المرير- أصبح ينكر ويتنكر لدينه.

أقول: إن البعض من المسلمين أصبح الآن يتنكر لدينه، وصار يسمي الدين الإسلامي رجعية وتزمتاً، وحتى آل الأمر بهم إلى محبة الكفار، وتفضيلهم على المسلمين، وهذا خطرٌ عظيم، وبعض من يدعي الإسلام لا يعترف بأركان الإسلام، إنما هو مسلم بالهوية -مع الأسف الشديد- كم نكرر هذه في الجُمع والأعياد؛ ولكن اللهم اشف مرض قلوبنا.

نعم.

يا أمة الإسلام! إن الكثير من المسلمين الآن يدعي الإسلام بالهوية، فكم تركوا الصلاة؟! وكم منعوا الزكاة؟! وكم أفطروا في رمضان؟! وكم استهزءوا بالركن الخامس من أركان الإسلام، وهو الحج إلى بيت الله الحرام، ومع ذلك هم يدعون الإسلام، ويُحسبون في عداد الإسلام والمسلمين.

ومن الخطر الذي اجترف كثيراً من المسلمين، وهذه والله هي المصيبة العُظمى التي ما حل بالمسلمين أشد منها في هذه الأزمان المتأخرة، سواء صدرت من كبار السن أم من الشباب، وهو السفر إلى خارج البلاد، إلى بلاد الكفار، إلى بلاد الحرية والإباحية والهمجية، فمجرد ما يجلس بعض قرناء السوء مع بعض، فيشرحوا لهم تلك الأوضاع الخبيثة، وتلك السبل المتيسرة، من ارتكاب الزنا، واللواط، وشرب الخمور، وقضاء الوقت في المسارح، ثم يستميلونهم بتلك الأحاديث المسمومة، حتى إن بعضهم ينهمك في كثير من المعاصي والذنوب، ثم يرجع وقد حمل لبلاده من الأفكار الهدامة، والأمراض الاجتماعية، الحسية والمعنوية الكثير الكثير، هذا مع ما أضاع من الأموال، بل قد تجد بعض الذين فُتنوا بالسفر إلى الخارج، يحاربون الأخلاق الفاضلة, والآداب السامية، لماذا؟

الجواب يا أمة الإسلام: لأنهم عاشروا أناساً لا يبالون بأوامر الله، فتجد بعضهم انهمك في المسكرات، والمخدرات، وبعضهم ينتهك الأعراض، ويُقدم على الزنا، وبدون خوف من الله، الذي أوجده من العدم إلى الوجود، وأمده بالنعم، ومنحه القوة والصحة والعافية، ومع ذلك فرب العزة والجلال مطلع عليه، لا تخفى عليه منهم خافية، ثم يرجع من السفر بأفكار هدامة، وصور خليعة، صورٌ بشعة، صورٌ يستحي أن ينظر إليها من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان مع الأسف الشديد.

أمة الإسلام! ثم يأتي وقد استمع إلى الصراعات، وانطبعت في فكره افتراءات من أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، شنعوا عليه هذا الدين، وبغَّضوا إليه هذا الدين الإسلامي، وسموه تعقداً وتجمداً وتزمتاً، ثم يأتي وقد حمل تلك الأفكار، التي أملاها عليه أعداء الإسلام والمسلمين، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فأُحَذِّر الذين يسافرون إلى خارج البلاد ليرتكبوا جرائم الزنا أن لهم أمَّهات، ولهم أخوات، ولهم خالات وعمات وبنات، وإن كانوا متزوجين فلهم زوجات، فليحذروا إذا ركبوا الطائرة أن يقترفوا تلك المحرمات فإنهم يخلفهم أناس أقرب منهم في بلادهم ليفسدوا في نسائهم، فليأخذوا لذلك حذراً.

وليتقوا الله عزَّ وجلَّ، وليتوبوا إلى الله قبل أن يقفوا يوم القيامة بين يدي جبار الأرض والسماوات، ثم يسألهم عن ذلك كله.

اللهم إنا نسألك حسن الختام، اللهم إنا نسألك حسن الختام، اللهم إنا نسألك حسن الختام.

{رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:٨].

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ * وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم:٢١ - ٢٢].

اللهم إن نعوذ بك من الشيطان، وأعوانه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.