أيها المسلمون: لقد أجمع علماء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، في قديم الزمان وحديثه، على أن الخمر حرام إجماعاً قطعياً لا ريب فيه، فمن قال: إن الخمر حلال، ولو سمَّاها بغير اسمها، فهو كافر يستتاب، فإن تاب وأقر بتحريمها ترك وإلا قتل كافراً مرتداً، لا يُغسَّل ولا يكفن ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وإنما يُرمى بثيابه في حفرةٍ بعيدةٍ، لئلا يتأذى المسلمون برائحته، وأقاربه بمشاهدته.
أيها الإخوة في الله! إن شارب الخمر إذا قُتِلَ وهو جاحد لتحريمها، فإنه لا يُدعى له بالرحمة ولا بالنجاة من النار، لأنه كافر في نار جهنم، قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا}[الأحزاب:٦٤ - ٦٦].
نعم أيها المسلمون! إن من اعتقد أن الخمر حلال، فهو كافر مضاد لله، مكذبٌ لرسوله صلى الله عليه وسلم، خارج عن إجماع المسلمين، أما من شرب الخمر وهو يؤمن ويعتقد بأنها حرام، ولكن سوَّلت له نفسه فشربها، فهو عاصٍ لله، فاسقٌ عن طاعته، مستحقٌ للعقوبة، وعقوبته في الدنيا أن يجلد ردعاً له ولغيره، فإذا تكرر من الشارب شربه وهو يعاقب ولا يرتدع، فقال ابن حزم رحمه الله:"يقتل في الرابعة" وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "يقتل بالرابعة عند الحاجة إذا لم ينته الناس بدون القتل".
فاتقوا الله أيها المسلمون! واجتنبوا الخمر لعلكم تفلحون، فلقد وصفت الخمر بأقبح الصفات في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وصفها رب العزة والجلال بأنها: رجسٌ من عمل الشيطان، وقرنها بالميسر والأزلام وعبادة الأوثان، وقال صلى الله عليه وسلم:{اجتنبوا الخمر فإنها مفتاح كل شر} وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الخمر مفتاح كل شر، وجماع كل إثم.
إن شاربها يفقد عقله، ويلتحق بالمجانين، إنه ربما يقتل نفسه وهو لا يشعر، وربما يزني بأمه وأخته، نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل الكريم لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.