الحمد لله الذي فرض على عباده الصلوات الخمس, فرضها لحكم بالغة وأسرار لا يعلمها إلا هو سبحانه، وجعلها صلة بين العبد وبين خالقه جل وعلا, ليستنير بذلك قلب المؤمن ويحصل له المطلوب في الدنيا ودار القرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو العزيز الغفار، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون المؤمنون بالله حقاً: اتقوا الله تعالى، وحَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ حافظوا على الصلوات بأداء أركانها وشروطها وواجباتها, ثم كملوها بفعل مستحباتها، فإن الصلاة عمود الدين، ولا دين لمن لا صلاة له، هكذا قال صلى الله عليه وسلم وهو يلفظ آخر أنفاس الموت يوصيكم بالصلاة:{الصلاة الصلاة وما ملكت إيمانكم}.
أيها المسلمون: لقد فرضت الصلاة على نبيكم صلى الله عليه وسلم من الله جلَّ وعلا بلا واسطة، وفرضت فوق السماوات العلى، وفرضت خمسين صلاة حتى خفضت إلى خمس صلوات في العمل وخمسين في الميزان ألم يكن هذا أكبر دليل على فضلها والعناية بها؟
أيها المسلمون: إن الصلاة صلة بين العبد وبين ربه، يقف العبد بين يدي الله عز وجلَّ موقف خضوع وإذلال، فيكبر الله عز وجل معظماً ومخبتاً وخاشعاً له يتلو كتابه العزيز, ويتلذذ بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ويسبحه ويعظمه بما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى، ويسأله من حاجات دينه ودنياه ما يكون وسيلة إلى حلول رضوانه وكرامته.