الحمد لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا عباد الله! اتقوا الله حق تقاته، واستعدوا لما أمامكم يوم العرض الأكبر على الله عز وجل، حين ينقسم الناس إلى قسمين: سعداء وأشقياء.
فأما السعداء؛ ففي روضات الجنات لهم فيها ما تشتهي أنفسهم، ولهم فيها ما يدَّعون، لهم فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
أيها الشاب المسلم! اتق الله، ولا تغتر بزخارف الحياة الدنيا.
مع الأسف الشديد! أن بعض الشباب يستقيم أحياناً ويتردى أحيانا، إما تكذيباً لوعد الله أو مخادعةً لأمر الله، أو فيه صفة من صفات المنافقين الذين يُخادعون الله والذين آمنوا، وما يخدعون إلا أنفسهم، أسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
إنه من المؤسف يا عباد الله! أن نرى في عامٍ مضى بعض الشباب الذين استقاموا، ثم نراهم قريباً قد انحرفوا وانجرفوا وراء التيارات، وانزلقوا وراء ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم في الدنيا، والله ثم والله كلُّ ذلك بسبب جلساء السوء الذين لا يعينون على الخير ولا يدعون إليه، بل همتهم كلها الدعوة إلى الشر والترغيب فيه، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
أيها الشاب: أنسيت وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: {سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله}؟
أنسيت أيها الشاب هذا الوعد المحقق من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}[النجم:٤]؟
استقطعت هذه الحياة الدنيا، فما متاع الحياة الدنيا إلا غرور، فما متاع الحياة الدنيا إلا قليل، فاتق الله أيها الشاب لا تهدم الأعمال الصالحة لا تنحرف لا تدبر بعد أن أقبلت إلى الله، لا تحرم نفسك ذلك الموضع الذي يغبطك عليه من في الموقف أجمعين، أنت تحت ظل عرش الرحمن، وعلى مائدة الرحمن، تأكل وتضحك وتتبسم، وغيرك في الحساب واقفون قد ألجمهم العرق، وغاص بهم في الأرض منهم سبعون ذراعاً.
فلا تحرم نفسك -أيها الشاب- هذا الفضل العظيم، ولا تغتر بدعاة الزور، ولا تجالس جلساء السوء لا كثرهم الله.