وفي ذلك الموقف يحشر الكافر أعمى لا يرى، أصم لا يسمع، أخرس لا يتكلم، وإن كان قبل في الدنيا يتكلم ويؤذي المسلمين يتكلم بالكلمات البذيئة، وينشر في الصحف ما يغضب الله ورسوله، فإنه يوم القيامة أخرس أصم لا يتكلم، يمشي على وجهه في غاية الإهانة أسود الوجه، أزرق العينين، في منتهى العطش، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ليس بينهم في ذلك الموقف وبين الشمس إلا مقدار ميل في ذلك الموقف العقول ذاهلة، والأبصار شاخصة للحي القيوم، ثم يؤمر بهذا الكافر ويسحب إلى جهنم والعياذ بالله.
وأما المؤمنون -أسأل الله أن يجعلنا منهم بمنَّه وكرمه وإحسانه- فإنهم ينعمون في جنات عالية قطوفها دانية، ويقال لهم:{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}[الحاقة:٢٤]{أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة:١٩] اللهم اجعلنا منهم ومعهم بجودك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
عباد الله: إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي الناصح الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، فاحذروا من محدثات الأمور يا عباد الله، احذروا من المحدثات التي يروجها أعداء الإسلام والعقيدة، وأعداء الأخلاق والآداب، فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
عباد الله: صلوا على الناصح الأمين، صلوا على رسول الهدى الذي أخرجكم الله به من الظلمات إلى النور، امتثالاً لأمر الرءوف الرحيم حيث يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}[الأحزاب:٥٦] اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد القائل: {من صلَّى عليَّ صلاة صلَّى الله عليه بها عشراً} وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.