القسم الثالث هم أصحاب الشمال: اللهم لا تجعلنا منهم، اللهم لا تجعلنا منهم، اللهم لا تجعلنا منهم يا واسع الفضل والإحسان.
أصحاب الشمال ولا تسأل عن أحوالهم، إنها حال البؤس والشقاء والعناء، حال التعذيب والتحريق بالنار، إنهم في سموم: هواء حار يلفح وجوههم ويدخل في مسام جلودهم، وليس عندهم ما يبرد هذا السموم سوى ماء حميم شديد الحرارة كما قال تعالى:{يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ}[الحج:١٩ - ٢٠].
كما أنهم ليس لهم ما يحجب هذا السموم سوى ظل من يحموم، واليحموم: هو الدخان الأسود الحالك، لا بارد ولا كريم، أي: ليس فيه وقاية ولا نفح، فهذا مكانهم وموضع إقامتهم.
وأما طعامهم وشرابهم فهو الزقوم: وهو شجر خبيث الطعم، خبيث المنظر، منتن الريح، ليس فيه ما يحب الأكل منه؛ ولذلك فهم يتزقمونه تزقماً، لا يسمن ولا يغني من جوع، ويبتلعونه بشدة ومشقة فيملئون بطونهم منه، وحينئذ يحترقون عطشاً فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل يشوي الوجوه، إذا دنى من الوجوه شواها، ويقطع أمعاءهم إذا حل فيها, هذا نزلهم يوم الدين.
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من السابقين، ومن التالين لكتابك ومن المنتفعين به يا رب العالمين، اللهم اجعلنا ممن اتبعوا القرآن فقادهم إلى رضوان الجنة، ولا تجعلنا ممن اتبعهم القرآن فزخهم في قفاهم إلى النار.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.