فيا عباد الله: اتقوا الله عزَّ وجلَّ، واغتنموا مواسم الخيرات، واستغلوها بما يقربكم من الله تعالى، فهذا شهر رمضان، قد ذهب منه الثلثان، ولم يبق منه إلا الثلث، فتداركوا ما بقي منه بصالح الأعمال، بقي منه العشر الحسان، التي ترجى فيها ليلة القدر، التي قال الله فيها:{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}[القدر:٣] قال بعض العلماء رحمهم الله: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها.
ألف شهر -يا عباد الله- ثلاثة وثمانون عاماً، وأربعة أشهر، فالعمل في هذه الليلة لمن وفقه الله خير من العمل في ثلاثة وثمانين عاماًَ وأربعة أشهر.
في الحديث الصحيح:{تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان} ولن تظفر -يا عبد الله- بهذه الليلة إلا إذا قُمتَ ليالي العشر كلها، فقد أخفى الله جل وعلا علمها على العباد رحمة بهم؛ ليكثر عملهم في طلبها في تلك الليالي الفاضلة، بالصلاة، والذكر، والدعاء، فيزدادوا تقرباً إلى الله تعالى وثواباً، وأخفى الله ليلة القدر في ليالي العشر اختباراً للعباد، ليتبين بذلك من كان جاداً في طلبها، حريصاً عليها ممن كان كسلاناً متهاوناً، يقول صلى الله عليه وسلم:{يا أيها الناس أطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وأفشوا السلام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام}.