للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حال العبد إذا وضع في القبر]

أيها الإخوة في الله: ويا أختي في الله! تذكروا من هو الأنيس في القبر؟ ومن هو الموحش في القبر؟

إنه العمل، فإما أن يكون العمل صالحاً؛ فيكون نعم الأنيس في القبر، وإما أن يكون سيئاً خبيثاً فإنه موحش في القبر والعياذ بالله.

فيا أيها الإخوة والأخوات: مثلوا أنفسكم وقد حلت بكم السكرات ونزل الأنين والغمرات.

مثلوا أنفسكم وقد أخذتم من الفرش اللينة ثم نقلتم إلى التراب، إلى بيت الوحشة والوحدة، إلى بيت الضيق والظلمة إلا من وسعه الله عليه، فهنيئاً لمن وسع الله عليه قبره، فإنه إذا سُئل: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فإن أجاب وقال: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم؛ نادى من السماء منادٍ إن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من روحها وطيبها، ويُفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الوجه طيب الريح طيب الثياب فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح.

وإن كان بعكس ذلك خرج من الدنيا وقد تحمل الأوزار والسيئات وسُئل: من ربك؟ فتلجلج ب

الجواب

هاه، هاه، لا أدري.

ما دينك؟ فيقول: هاه، هاه، لا أدري.

من نبيك؟ فيقول: هاه، هاه، لا أدري.

نادى منادٍ إن كذب، فأفرشوه من النار، وألبسوه من النار، وافتحوا له باباً إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويُضيَّق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح المنظر كريه الرائحة خبيث الثياب فيقول: من أنت فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر؟ فيقول: أنا عملك الخبيث.

وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرنا بهذا الحديث الصحيح فيقول: {إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم، يأتيه ملكان فيقعدانه ويقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ قال: فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعاً.

وأما المنافق والكافر فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقوله الناس.

فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين} متفق عليه.

فيا أيها الإخوة والأخوات!

تنبه قبل الموت إن كنت تعقل فعمَّا قليل للمقابر تنقل

وتمسي رهيناً في القبور وتنثني لدى جَدَثٍ تحت الثرى تتجندل

فريداً وحيداً في التراب وإنما قرين الفتى في القبر ما كان يعمل