[وجوب طاعة الله ورسوله]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المبعوث رحمة للعالمين، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس! اتقوا الله عزَّ وجلَّ، واعلموا أن الله -تبارك وتعالى- أوجب طاعته، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال في محكم البيان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ} [الأنفال:٢٠ - ٢١].
ويقول جلَّ وعلا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:٧] ويقول جل وعلا: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:٣٢].
عباد الله! إن الله غني عنا، وعن طاعتنا، وعن عبادتنا، ولكن نحن الفقراء المحتاجون إلى الله، {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران:٣٢].
نعم! يا عباد الله، يأمر رب العزة والجلال والإكرام بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فمن أطاع فله السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، ومن عصى الله ورسوله فله العقوبات التي لا تُعد ولا تحصى، ولا تُحد ولا تستقصى؛ لهذا ختم الحكيم العليم، بذكر شدة عقابه لمن عصاه وعصى رسوله بالآيتين السابقتين في سورة النور، فقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:٦٣].
إن المعاصي -يا عباد الله- هي التي تجر إلى الشقاء والبؤس والنقمة، وإن الطاعات والأعمال الصالحة هي ذريعة ووسيلة للصلاح والسعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.
نعم! إننا نشكو من كثرة الحوادث والنوازل، نشكو من أمراض القلوب، ولا نفكر -أبداً- فيما تجر علينا هذه الحوادث والنوازل.
وما الذي سبب لنا مرض القلوب، لا نفكر بذلك أبداً لماذا؟
لأننا لا نعتني بالغذاء الروحي وهو: القرآن العظيم والسنة المطهرة، لا نعتني بالأخطار التي نبهنا عليها ربنا جل وعلا، وحذَّرنا منها في القرآن، وحذرنا منها رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، ذلك بالرغم مما ندعيه أننا أهل الإسلام وأننا نحب الله ورسوله، ونسمع الآيات والأحاديث تصرح بتحريم الحرام، وتُحذِّر من الحرام، وكأننا لم نُقصد في ذلك البلاغ.