عباد الله! إنها أحوال أهل الإيمان عند تلاوة القرآن وعند سماع آيات القرآن: وجل القلوب، ودموع العين، واقشعرار الجلود كما أخبر الله عنهم:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الأنفال:٢].
اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين، اللهم اجعلنا منهم يا أكرم الأكرمين:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الزمر:٢٣]
أيضاً من أحول السلف: هذا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قرأ قول الله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطففين:١ - ٦].
فلما أتى على قوله تعالى:{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطففين:٦] بكى حتى انقطع عن قراءة ما بعدها، هذه حال سلف الأمة وصلحاؤها وخيارها، يمر أحدهم على ذكر النار فينخلع قلبه خوفاً منها، ورهبة من أوالها، ونكالها وخشية من عذابها وآلامها، ويمر بذكر الجنة ونعميها، وما أعد الله فيها لأوليائه فتشتاق نفسه إلى ذلك النعيم المقيم، وفي هذا وذاك يتأثر بما يقرأ؛ فتدمع عيناه ويخشع قلبه.