[واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بما يصلح الخلق في الدنيا والدين وفي الآخرة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بهديهم القويم إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واعلموا -يا عباد الله- أنه إنما {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:٤١] لعلهم يرجعون، لعلهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، لعلهم يصلحون ما أفسد الناس.
عباد الله: اعلموا أن ما أصابكم من المصائب فبما كسبت أيديكم، وعفو الله عظيم، فهو يعفو عن كثير، ففساد الأرض ومصائب الخلق هي حصائد الأعمال الخبيثة والمحرمات، وعواقب أفعالهم التي ملأت البر والبحر.
أيها المسلمون: إن الواجب على المسلمين أن يأخذ حلماؤهم على أيدي سفهائهم فيأطروهم على الحق أطراً قبل أن يهلكوا جميعاً فقد قال صلى الله عليه وسلم: {إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده}.
أيها المسلمون: إن الناس بالنسبة إلى تغيير المنكر، منهم من يستطيع تغييره بيده، ومنهم من لا يستطيع إلا بلسانه، ومنهم من لا يستطيع إلا بقلبه، وقد بين صلى الله عليه وسلم ما يجب على كل واحد من هؤلاء، فقال صلى الله عليه وسلم: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان}.
أيها المسلمون: إننا إذا قمنا بتغيير المنكر حسب الاستطاعة أفلحنا بأنفسنا وأصلحنا مجتمعنا، وحصلت لنا الرفعة في الدارين: الأولى والأخرى، أما إذا ضيعنا الواجب الذي علينا في ذلك فستكون النتيجة وخيمة تكثر المعاصي ويظهر الفسوق وتحل العقوبات وتحل اللعنة كما حلت على بني إسرائيل نعوذ بالله من ذلك.
فاتقوا الله -يا عباد الله- وصلوا على رسول الله امتثالاً لأمره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً}.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي وعن أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين من اليهود والنصارى والشيوعيين والملحدين والكفرة والمنافقين، اللهم دمرهم تدميراً، اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوءٍ فأشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء، حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم أصلح ولاة أمورنا وولاة أمور المسلمين أجمعين، اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين، اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين يا رب العالمين.