أمة الإسلام! يا من تريدون النجاة من النار، يا من تريدون أن تزحزحوا عن النار وتدخلوا الجنة، الله الله جدوا في المسابقة إلى طاعة الله، وإن طريقها يسير على من يسره الله عليه، هو الإيمان الصادق، والعمل الصالح، وامتثال الأوامر واجتناب النواهي، والتوبة النصوح في جميع الأوقات من جميع الذنوب والسيئات، والإنابة إلى الله تعالى في كل وقتٍ وحين، وكثرة ذكره ودعائه واستغفاره حتى تنجو من النار، وما أدراك ما النار؟ هي مأوى الكفار والمجرمين والمشركين والعصاة، ومأوى الملحدين فإنهم يخرجون من قبورهم قلقين فزعين مرعوبين خائفين {يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}[الأنعام:٣١] فيحاسبهم الله على ما أسلفوا من الجرائم، ويجزيهم بين الخلائق، وعلى رءوس الخلائق، فتسود وجوههم، وتخف موازينهم من الحسنات، ويعطون كتب أعمالهم بشمائلهم، ويساقون إلى جهنم حفاةً عراةً قال الله تعالى في حقهم:{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ}[الزمر:٧٠ - ٧١].
ويقول الله لهم أيضاً بعدما يسألونه بعد حين طويل:{اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون:١٠٨] ففي ذلك الحين يأخذون في الزفير والشهيق، وييئسون من كل خير ومن كل فرجٍ وراحة، ويستيقنون الخلود الدائم، والعذاب الأبدي المستمر.
عباد الله! ما أشد شقاهم! وما أعظم عناهم! ينوع عليهم العذاب، تارةً يعذبون بالسعير المحرق لظواهرهم وبواطنهم، كلما نضجت جلودهم بدلوا جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب الأليم، وتارة بالزمهرير الذي بلغ من برده أنه يهرى اللحوم، ويكسر العظام، وتارة يعذبون بالعطش والجوع المفزع، ثم يسقون ويطعمون بالغسلين والزقوم والضريع، ومع ذلك لا يسمن ولا يغني من جوع.
فالحذر الحذر عباد الله! أنتم في وقت الإمهال، أنتم في هذه الدنيا في دار المزرعة والعمل فاعملوا صالحاً، اللهم وفقنا وأيقظنا من رقداتنا، اللهم ارزقنا الاستعداد لما أمامنا، اللهم نبهنا من غفلاتنا، اللهم نجنا من النار، وأدخلنا الجنة يا عزيز يا غفار!
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.