للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المصالح الدنيوية للصلاة]

كما أن في الصلاة عوناً على المصالح الدينية؛ فإن فيها أيضاً عوناً على المصالح الدنيوية:

فمن مصالحها أنها تهون المشاق، فقد جاء في الحديث: {كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة} أما الكافر فإنه إذا ضاقت عليه الأرض ذرعاً وضاقت عليه نفسه انتحر والعياذ بالله، أما شريعتنا الإسلامية فهي تدل إلى كل خير.

والصلاة تسلي على المصاب، وهذا من أمر الله عز وجلَّ الذي لا يخالف: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة:٤٥] فيجازي الله صاحبها بتيسير أموره، وتفريج كرباته؛ لأنها الصلة العظيمة بين العبد وبين ربه.

ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله: "أن رجلاً كان يتجر للناس، وكان رجلاً تقياً عفيفاً، فهجم عليه لص وقال: أريد أن أقتلك وآخذ مالك، قال: خذ المال ولا تقتلني، فأبى إلا قتله، فقال: دعني أصلي ركعتين، فأخذ من ماء كان معه في شنة له، فتوضأ وقام إلى صلاته قام ليبتهل إلى رب العالمين قام ليُشغل الهاتف العاجل قام ليُشغل الحركة بينه وبين ربه، بينه وبين مغيث اللهفان، ومجيب الدعوات فلما سجد في الركعة الثانية توسل إلى المولى جلَّ وعلا وقال: اللهم يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعال لما تريد! أسألك بعزتك التي لا ترام وملكك الذي لا يضام أن تكفيني شر هذا اللص، يا مغيث أغثني قالها ثلاث مرات، فرفع رأسه من السجود وإذا برأس اللص يتدحرج أمامه، وإذا برجل على فرس شاهراً رمحه فقال: من أنت؟ قال: أنا ملك من ملائكة السماء الرابعة، تخاصم فيك الملائكة فاخترت أن أنزل أنا".

عباد الله: بالقرب من الله تنال الحاجات وتلبى الطلبات.

ومن فضائلها: أن من أكملها وأتقنها، فقد فاز وسعد وللصلاة فوائد كثيرة كل واحدة منها خير من الدنيا وما عليها.

والصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وفيها تكفير للسيئات، وزيادة في الحسنات، ورفعة للدرجات وفيها زيادة القرب من رب الأرض والسماوات، وزيادة الإيمان في القلب ونوره.

وقد شرع الشارع الحكيم الاجتماع للصلوات الخمس والجمعة والعيد؛ لما في الاجتماع من حصول التنافس في الخيرات، والتنشط عليها والتعلم والتعليم لأحكامها، فإن العالم ينبه الجاهل، والجاهل يتعلم بالقول وبالفعل من العالم، ويقتدي الناس بعضهم ببعض كذلك يحصل في الاجتماع للصلوات في المساجد التعارف والصلات، والملاحظ أن أكثر الجيران لا يعرف بعضهم بعضاً، لعدم إتيانهم إلى الصلاة والعياذ بالله، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

والاجتماع للصلوات في المساجد يحصل به التودد والتواصل بين المسلمين، وعدم التقاطع، ويحصل -أيضاً- معرفة من يحافظ على الصلوات ممن يتهاون بها، ممن يتركها، فإن تارك الصلاة منبوذ كافر والعياذ بالله ويحصل بكثرة الخُطى إلى المساجد تكفير السيئات ورفعة الدرجات.

ومن فوائد الصلاة: ما فيها من الرياضة المتنوعة النافعة للبدن المقوية للأعضاء؛ من المشي والذهاب والمجيء والقيام والقعود والركوع والسجود المتكرر، وكذلك ما فيها من الداعي إلى النظافة، وهو تكرر الطهارة وكل هذه الحركات نفعها محسوس مشاهد، لمن أنصف من نفسه وأقر بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.