[الأمور التي أمر الله سبحانه بالتزود منها]
ولذلك أخي في الله إذا قرأت القرآن وتصفحت آياته وجدت أن الله سبحانه وتعالى لم يأمر بالتزود من هذه الدنيا إلا من أمرين:
الأمر الأول: العلم النافع:-
قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طه:١١٤].
الأمر الثاني: التقوى:-
قوله جل جلاله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة:١٩٧].
أ- فضل العلم النافع:
أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما أحوجنا إلى العلم النافع خاصة في هذه الأزمنة المظلمة، أزمنة الفتن والمغريات.
العلم النافع، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {من يرد الله به خيراً يفقه في الدين} الله أكبر!
وربنا جل وعلا يقول: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر:٩].
ووعد الله العلماء بالرفعة، قال جل وعلا: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:١١].
إذاً، بأي شيء نتحصل على هذا العلم النافع، العلم الشرعي بعد تقوى الله جل وعلا، كما قال سبحانه وبحمده: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة:٢٨٢].
إذا أردت العلم النافع، العلم الشرعي، الذي تستنير به القلوب، الذي يعرف به الحلال من الحرام، والحق من الباطل، فالله الله بتقوى الله، التزم تقوى الله، التزم تقوى الله، حتى يرزقك الله العلم النافع، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة} اللهم ارزقنا علماًَ نافعاً.
إخواني في الله: ثم تذكروا ذلك الفضل العظيم الذي أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم لمن جلس يطلب العلم، قال صلى الله عليه وسلم: {ما جلس قومٌ مجلساً يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده}.
فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم: الله الله بالعلم النافع! الله الله بالعلم النافع! تعلموا العلم النافع، أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم ما الذي يحصل في آخر الزمان، يقول صلوات ربي وسلامه عليه: {إن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً من العباد، ولكن بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقِ عالماً اتخذ الناس رءوساً جُهَّالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا}.
ولقد خاف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأئمة المضلين.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم نور بصائرنا بالعلم النافع، اللهم نور بصائرنا بالعلم النافع.
ب- ضرورة تبليغ العلم بعد تحصيلة:-
أخي في الله: إذا رزقك الله العلم النافع، أيضاً مطلوبٌ منك أن تبلغ هذا العلم، قال صلى الله عليه وسلم: {بلغوا عني ولو آية} ثم أنت مسئولٌ عن هذا العلم، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسال عن أربع: وعن علمه ماذا عمل به} لا إله إلا الله!
أخي في الله: بلغ هذا العلم ما دمت في زمن الإمكان قبل أن توقف بين يدي الله جل وعلا، ويسألك عن هذا العلم: هل بلغت هذا العلم؟
اللهم ارزقنا علماً نافعاً، وارزقنا عملاً صالحاً.
ثم أخي في الله: تذكر يوم أن تنتقل من هذه الدار، هل أنت ممن اقتديت بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم؟ ودعوت إلى الله جل وعلا؟ لأن الله جل وعلا يقول عن نبيه صلى الله عليه وسلم وقد أمره جل وعلا بهذه الدعوة التي إن سلكت سبيل نبيك محمد صلى الله عليه وسلم؛ حزت على خيرٍ كثير: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ} [يوسف:١٠٨].
إن كنت من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وترجو أن تَرِدَ عليه الحوض وتشرب منه شربة لا تظمأ بعدها أبداً؛ فاقتدِ بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم، قال ربنا جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:١٢٥].
وما أحوجنا في هذه الأزمنة إلى الدعوة إلى الله جل وعلا.
يا من رزقه الله العلم! بلغ هذا العلم، حتى إذا جاءتك اللحظة الأخيرة فتكون قد بلغت هذا العلم مقتدياً بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم اجعلنا من الدعاة إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة.
جـ- وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:-
ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي تقاعس عنه الكثير، ذلك الأمر العظيم الذي وَهَى جانبه، وكثر مجانبه، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي عده بعض العلماء الركن السادس لأركان الإسلام، ذلك الأمر الذي فرط فيه الكثير من الناس، وربنا جل وعلا قال في صفة هذه الأمة: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:١١٠] بماذا؟ {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠] ورسول الله صلى الله عليه وسلم خاطب الأمة جميعاً، فقال: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان} ثم يأتي بعض الناس ويقول: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاصٌ برجال الحسبة أو برجال الهيئة سدد الله خطاهم، ورفع قدرهم، وأعزهم بطاعته، وحفظنا الله وإياهم بحفظه، جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
إن هذا الظن الذي يظنه بعض الناس أن الأمر خاصٌ برجال الحسبة، أو رجال الهيئة، هذا ظنٌ خاطئ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال يخاطب الأمة جميعاً: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان}.
وإن تقاعست الأمة وأبت إلا التخاذل، ولم تأمر بالمعروف ولم تنهَ عن المنكر، فليسمعوا خبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يخاطب الصحابة على المنبر صلى الله عليه وسلم، يقول: {يا أيها الناس! إن ربكم تبارك وتعالى يقول: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أستجِب لكم، وتستنصروني فلا أنصركم، وتسألوني فلا أُعْطِكم} لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
وما لُعِنَت بنو إسرائيل إلا بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال جل وعلا: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:٧٨ - ٧٩] قرئت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: {كلا والذي نفس محمدٍ بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق أطراً، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعنكم كما لعنهم}.
اللهم سلِّم سلِّم!
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، ونعوذ بك اللهم من جميع سخطك.
وهذه زينب رضي الله عنها تقول: {استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محمرَّ الوجه يقول: لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد اقترب! فُتِح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج هكذا، وحلَّق بالإبهام والتي تليها، فقالت رضي الله عنها: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: نعم، إذا كثر الخبث}.
اللهم سلِّم سلِّم!
اللهم احفظنا بحفظك، وارعنا برعايتك، واكلأنا بعنايتك يا أرحم الرحمين!
قال: {نعم، إذا كثر الخبث} لا إله إلا الله!