للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عمارة المساجد بذكر الله والصلاة]

الحمد لله أذن في بيوت أن ترفع ويذكر فيها اسمه، أحمده وأشكره أن هدانا للإسلام، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا أمة الإسلام! {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].

عباد الله: لقد فرض الله على الأمة الإسلامية خمس صلوات في اليوم والليلة، وصح في الأحاديث المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس وتفصيل أوقاتها وشروطها ومكملاتها، وفي فضلها وكثرة ثوابها.

فمن فضائل الصلاة أنها عمود الإسلام، وأنها أعظم عبادة يحصل فيها الخضوع والذل لله رب العالمين وامتلاء القلب من الإيمان بالله وتعظيمه.

عباد الله: لما كانت الصلاة بتلك المنزلة، أمر جلَّ وعلا أن تبنى لها المساجد، وتشاد على اسمه الخاص، وأن تعظم ويرفع شأنها، لتكون منارات للهدى، ومراكز للإشعاع الروحي، يعبد الله فيها بتوحيده، ويذكر وتتلى آياته، يقول جل وعلا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:٣٦ - ٣٧] أولئك المؤمنون كانوا إذا سمعوا النداء تركوا كل شغلٍ وبادروا لطاعة الله عز وجل، وفيه إشعار بهممهم السامية ونياتهم وعزائمهم العالية التي بها صاروا عماراً للمساجد، التي هي بيوت الله في أرضه، ومواطن عبادته وشكره وتوحيده وتنزيهه.